- الحديث الثاني : روى تميم بن طرفة أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم في ناقة وأقام كل واحد منهما البينة فقضى بها بينهما نصفين .
قلت : رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن تميم بن طرفة أن رجلين ادعيا بعيرا فأقام كل واحد منهما البينة أنه له فقضى النبي صلى الله عليه وسلّم به بينهما انتهى . ذكره في أثناء " البيوع " وفي أواخر " الحدود " ورواه عبد الرزاق أيضا في " مصنفه - في البيوع " أخبرنا الثوري وإسرائيل عن سماك به ورواه البيهقي في " كتاب المعرفة " ( 1 ) عن الحاكم بسنده عن أبي عوانة ثنا سماك بن حرب به وقال : هذا منقطع انتهى . وعزاه شيخنا علاء الدين لمراسيل أبي داود ووهم في ذلك وليس عند أبي داود لتميم بن طرفة إلا حديث واحد في " الجهاد " وقد تقدم في حديث : إن وجدته قبل القسمة فهو لك بغير شيء وهو من أوهامه التي استبد بها .
- أحاديث الباب : فيه أحاديث مسندة عن أبي موسى وأبي هريرة وجابر بن سمرة .
- فحديث أبي موسى : أخرجه أبو داود ( 2 ) عن همام عن قتادة به وكذلك رواه أحمد في " مسنده " والحاكم في " المستدرك - في الأحكام " وقال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى . وقال المنذري : رجال إسناده كلهم ثقات ولفظهم عن همام عن قتادة عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده أبي موسى الأشعري أن رجلين ادعيا بعيرا على عهد النبي صلى الله عليه وسلّم فبعث كل واحد منهما شاهدين فقسمه النبي صلى الله عليه وسلّم بينهما نصفين انتهى .
- واعلم أن هنا حديثا آخر : أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به أن رجلين ادعيا بعيرا أو دابة إلى النبي صلى الله عليه وسلّم ليست لواحد منهما بينة فجعله النبي صلى الله عليه وسلّم بينهما انتهى . وهذا المتن مخالف للمتن الأول فإنه في الأول أقام كل واحد منهما البينة . وفي الثاني لم يقم أحد منهما بينة والأول هو حديث الكتاب دون الثاني قال المنذري في " حواشيه " : قيل : يحتمل أن تكون القصة واحدة وقيل : يحتمل أن يكونا واقعتين انتهى . ولقوة اشتباههما في السند والمتن جعلهما ابن عساكر في " أطرافه " حديثا واحدا وعزاه للثلاثة وأخطأ في ذلك فإن النسائي وابن ماجه ( 3 ) لم يخرجا الأول - أعني حديث : أقاما البينة - لم يخرجا إلا حديث : ليس لأحدهما بينة .
- وأما حديث أبي هريرة : فرواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " ومن طريقه ابن حبان في " صحيحه " في النوع السادس والثلاثين من القسم الخامس أخبرنا عبد الصمد ثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة أن رجلين ادعيا دابة فأقام كل واحد منهما شاهدين فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلّم بينهما نصفين انتهى .
- وأما حديث جابر بن سمرة : فرواه الطبراني في " معجمه " حدثنا إبراهيم بن محمد بن عوف الحمصي ثنا محمد بن مصفى حدثنا سويد بن عبد العزيز عن الحجاج بن أرطأة عن سماك بن حرب عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلّم في بعير فأقام كل واحد منهما شاهدين بأنه له فجعله النبي صلى الله عليه وسلّم بينهما انتهى . حدثنا أحمد بن سليمان ( 4 ) بن يوسف العقيلي الأصبهاني حدثني أبي ثنا الحسين بن حفص عن يس الزيات عن سماك به نحوه سواء .
- أثر آخر : رواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " أخبرنا وكيع ثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : جاء رجلان يختصمان إلى أبي الدرداء في فرس أقام كل واحد البينة أنها نتجت عنده فقضى به بينهما نصفين ثم قال : ما أحوجكما إلى مثل سلسلة بني إسرائيل كانت تنزل فتأخذ عنق الظالم انتهى .
_________ .
( 1 ) ومثله في " السنن " للبيهقي - في كتاب الدعوى - باب المتداعيين يتداعيان ما لم يكن في يد واحد منهما " الخ ص 259 - ج 10 .
( 2 ) عند أبي داود في " القضاء - باب الرجلين يدعيان شيئا وليست لهما بينة " ص 153 - ج 2 وكلا المتنين في هذا الباب وفي " المستدرك - في الأحكام " ص 95 - ج 4 .
( 3 ) عند النسائي في " أدب القضاة - باب القضاء فيمن لم تكن له بينة " ص 310 - ج 2 ، وعند ابن ماجه في " الأحكام باب الرجلان يدعيان السلعة وليست بينهما بينة " ص 169 .
( 4 ) قال الهيثمي في " مجمع الزوائد - في القضاء - باب في الخصمين يقيم كل واحد منهما بينة " ص 203 - ج 4 : رواه الطبراني في " الكبير " وفيه يس الزيات وهو متروك انتهى