- الحديث الأول : روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم .
- أنه استسقى ولم يرو عنه الصلاة ( 1 ) .
قلت : أما استسقاءه عليه السلام فصحيح ثابت وأما إنه لم يرو عنه الصلاة فهذا غير صحيح بل صح أنه صلى فيه كما سيأتي وليس في الحديث أنه استسقى ولم يصل بل غاية ما يوجد ذكر الاستسقاء دون ذكر الصلاة ولا يلزم من عدم ذكر الشيء عدم وقوعه فهذا كما رد على الشافعي في إيجابه العمرة بأن النبي صلى الله عليه وسلّم ( 2 ) أمر الخثعمية أن تقضي الحج عن أبيها ولم يأمرها بقضاء العمرة عنه فأجاب البيهقي C بأن الحديث قد يكون فيه ذكر العمرة ولكن حفظ الراوي بعضه ونسي بعضه أو حفظه كله ولكن أدى البعض وترك البعض يقع ذلك بحسب السؤال والحاجة والله أعلم فما ذكر فيه الاستسقاء دون الصلاة ما أخرجه البخاري . ومسلم ( 3 ) عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس أن رجلا دخل المسجد في يوم جمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلّم قائم يخطب فقال : يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغثنا ( 4 ) قال : فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلّم يديه ثم قال : اللهم أغثنا . اللهم أغثنا . اللهم أغثنا قال أنس : فلا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار قال : فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت فلم يزل المطر إلى الجمعة الأخرى قال : ثم جاء رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلّم قائم يخطب فاستقبله قائما . فقال : يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يمسكها عنا قال : فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلّم يديه ثم قال : " اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام . والظراب . وبطون الأودية . ومنابت الشجر " قال : فانقلعت وخرجنا نمشي في الشمس قال شريك : فسألت أنس بن مالك أهو الرجل الأول ؟ قال : لا أدري انتهى . وفي لفظ للبخاري ( 5 ) فقام إليه ذلك الرجل . أو غيره وفي لفظ ( 6 ) : ثم جاء الرجل فقال : يا رسول الله بشق المسافر ومنع الطريق وفي لفظ ( 7 ) : ثم جاء فقال : تهدمت البيوت وفي هذين اللفظين أن القائل رجل واحد وفيما تقدم شك وتردد ومما ورد فيه ذكر الصلاة مع الاستسقاء ما أخرجه الأئمة الستة ( 8 ) عن عباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد بن عاصم أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم خرج بالناس يستسقي فصلى بهم ركعتين حول رداءه ورفع يديه فدعى واستسقى واستقبل القبلة انتهى . زاد البخاري ( 9 ) : فيه جهر فيهما بالقراءة وليس هذا عند مسلم .
_________ .
( 1 ) يعني في ذلك الاستسقاء فلا يرد أنه غير صحيح كما قال الإمام الحافظ الزيلعي المخرج ولو تعدى نظره إلى سطر حتى رأى قوله في جوابهما قلنا : فعله مرة وتركه أخرى فلم يكن سنة لم يحمله على النفي مطلقا . وإنما يكون سنة ما واظب عليه كذا في " فتح القدير " ص 437 - ج 1 .
( 2 ) أخرج البخاري في " أول المناسك " ص 205 حديث الخثعمية من رواية ابن عباس Bه .
( 3 ) البخاري في " باب الاستسقاء في خطبة الجمعة " ص 238 ، ومسلم في " الاستسقاء " ص 293 .
( 4 ) في نسخة " يغيثنا " .
( 5 ) في " باب الاستسقاء على المنبر " ص 138 .
( 6 ) عند البخاري في " باب رفع الناس أيديهم مع الإمام " ص 140 .
( 7 ) عند البخاري في " باب من اكتفى بصلاة الجمعة في الاستسقاء " ص 138 .
( 8 ) البخاري في " الاستسقاء " ص 137 ، ومسلم فيه : ص 293 ، وأبو داود فيه : ص 171 ، والنسائي فيه : ص 224 ، والترمذي : ص 72 ، كأن اللفظ له وابن ماجه : ص 91 .
( 9 ) البخاري في " باب الجهر بالقراءة في الاستسقاء " ص 139 ، والنسائي : ص 224 ، وأبو داود : ص 171 ، والترمذي : ص 72