- الحديث الثالث : قال عليه السلام : .
- " لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول " قلت : روى من حديث علي ومن حديث ابن عمر ومن حديث أنس ومن حديث عائشة Bهم .
أما حديث علي Bه فأخرجه أبو داود في " سننه " ( 1 ) من طريق ابن وهب أخبرني جرير بن حازم وسمى آخر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة . والحارث الأعور عن علي عن النبي عليه السلام قال : " إذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم وليس عليك شيء " يعني في الذهب " حتى يكون لك عشرون دينارا فإذا كانت لك عشرون دينارا وحال عليها الحول ففيها نصف دينار فما زاد فبحسابها ذلك " قال : فلا أدري أعلي يقول : فبحساب ذلك أو رفعه إلى النبي عليه السلام وليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول انتهى . قال : ورواه شعبة وسفيان وغيرهما عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي ولم يرفعوه انتهى . وفيه عاصم والحارث . فعاصم وثقه ابن المديني وابن معين والنسائي . وتكلم فيه ابن حبان وابن عدي فالحديث حسن . قال النووي C في " الخلاصة " : وهو حديث صحيح أو حسن انتهى . ولا يقدح فيه ضعف الحارث لمتابعة عاصم له وقال عبد الحق في " أحكامه " ( 2 ) هذا حديث رواه ابن وهب عن جرير بن حازم عن أبي إسحاق عن عاصم والحارث عن علي فقرن أبو إسحاق فيه بين عاصم والحارث والحارث كذاب ( 3 ) وكثير من الشيوخ يجوز عليه مثل هذا وهو أن الحارث أسنده وعاصم لم يسنده فجمعهما جرير وأدخل حديث أحدهما في الآخر وكل ثقة رواه موقوفا فلو أن جريرا أسنده عن عاصم وبين ذلك أخدنا به وقال غيره : هذا لا يلزم لأن جريرا ثقة وقد إسند عنهما انتهى . وهو في " مسند أحمد " ( 4 ) عن عاصم بن ضمرة عن علي مرفوعا : " ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول " انتهى . وليس من رواية أحمد .
وأما حديث ابن عمر فله طرق : أحدها : عند الدارقطني ( 5 ) عن بقية عن إسماعيل بن عياش عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا : " ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول " انتهى . وإسماعيل بن عياش ضعيف وفي روايته عن غير الشاميين قال الدارقطني : ورواه معتمر . وغيره عن عبيد الله موقوفا ثم أخرجه كذلك ورواه البيهقي ( 6 ) من حديث ابن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر موقوفا وقال : هو الصحيح ورواه بقية عن إسماعيل ابن عياش عن عبيد الله فرفعه وليس بصحيح انتهى .
طريق آخر : أخرجه الدارقطني في " كتاب غرائب مالك " عن إسحاق بن إبراهيم الحنيني عن مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعا نحوه قال الدارقطني : الصواب موقوف انتهى . قلت : رواه يحيى بن يحيى ويحيى بن بكير وأبو مصعب عن مالك في " الموطأ " ( 7 ) بالسند المذكور موقوفا عن مالك Bه ورواه الشافعي Bه في " مسنده " موقوفا كذلك .
طريق آخر : أخرجه الدارقطني في " سننه " ( 8 ) عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر مرفوعا باللفظ المذكور ورواه الترمذي في " كتابه " بلفظ : " من استفاد مالا فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول " انتهى . ثم رواه موقوفا وقال : هذا أصح من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم انتهى . وقال الدارقطني في " علله " : حديث نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلّم : " لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول " يرويه عبيد الله بن عمر واختلف عليه فيه فرواه إسماعيل بن عياش عنه عن نافع عن ابن عمر مرفوعا ورواه سويد بن عبد العزيز عن عبيد الله مرفوعا والصحيح عن عبيد الله موقوفا كذا قاله عنه معمر وابن نمير ومحمد بن بشر وشجاع بن الوليد وغيرهم ورواه أيوب عن نافع عن ابن عمر موقوفا وكذلك يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر موقوفا وقد رواه إسحاق بن إبراهيم الحنيني عن مالك عن نافع عن ابن عمر فرفعه ولم يرفعه عن مالك غيره والصحيح عن مالك موقوف انتهى .
وأما حديث أنس Bه فأخرجه الدارقطني في " سننه " ( 9 ) عن حسان بن سياه عن ثابت عن أنس مرفوعا ورواه ابن عدي في " الكامل " وأعله بحسان بن سياه وقال : لا أعلم يرويه عن ثابت غيره انتهى . وحسان بن سياه قال ابن حبان في " كتاب الضعفاء " : هو منكر الحديث جدا لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد لما ظهر من خطئه على ما عرف من صلاحه انتهى .
وأما حديث عائشة Bها فأخرجه ابن ماجه في " سننه " ( 10 ) عن حارثة بن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : " لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول " انتهى . وحارثة هذا ضعيف قال ابن حبان C في " كتاب الضعفاء " : كان ممن كثر وهمه وفحش خطؤه تركه أحمد ويحيى انتهى .
- أحاديث المال المستفاد : تعلق الخصم وهو : الشافعي وأحمد ومالك في أحد قوليه بما أخرجه الترمذي عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " من استفاد مالا فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول " انتهى . قال الترمذي C : ورواه أيوب . وعبيد الله بن عمر وغير واحد عن نافع عن ابن عمر موقوفا وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف في الحديث ضعفه أحمد وابن المديني وغيرهما وهو كثير الغلط ثم أخرجه عن أيوب عن نافع عن ابن عمر موقوفا قال : وهذا أصح من حديث عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم انتهى . قال النووي C في " الخلاصة " : ورواه الدارقطني ثم البيهقي وأعله بعبد الرحمن ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " من حديث ابن أبي ليلى عن نافع به موقوفا ورواه الدارقطني في " سننه " من حديث عبيد الله عن نافع به موقوفا .
قوله : وليس على الصبي والمجنون زكاة خلافا للشافعي Bه .
- أحاديث زكاة مال اليتيم أو الصغير : أخرج الترمذي ( 11 ) عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم خطب الناس فقال : " من ولى يتيما له مال فليتجر له ولا يتركه حتى تأكله الصدقة " انتهى . قال الترمذي : إنما يروى هذا الحديث من هذا الوجه وفي إسناده مقال لأن المثنى يضعف في الحديث انتهى . وقال صاحب " التنقيح " C : قال : مهما سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال : ليس بصحيح انتهى ( 12 ) .
- طريق آخر : أخرجه الدارقطني في " سننه " عن عبيد الله بن إسحاق حدثنا مندل عن أبي إسحاق الشيباني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم نحوه قال الدارقطني ( 13 ) : الصحيح أنه من كلام عمر انتهى . وعبيد الله بن إسحاق ضعيف ومندل قال ابن حبان : كان يرفع المراسيل ويسند الموقوفات من سوء حفظه فلما فحش ذلك منه استحق الترك انتهى .
- طريق آخر : أخرجه الدارقطني أيضا عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " في مال اليتيم زكاة " قال الدارقطني : العرزمي ضعيف وقال صاحب " التنقيح " : هذه الطرق الثلاثة ضعيفة لا يقوم بها حجة انتهى . وقال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج عندي بما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده لأن هذا الإسناد لا يخلو من إرسال أو انقطاع وكلاهما لا يقوم به حجة فإن عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله ابن عمرو بن العاص فإذا روى عن أبيه عن جده فأراد بجده محمدا فمحمد لا صحبة له وإن أراد عبد الله فشعيب لم يلق عبد الله قال ابن الجوزي في " التحقيق " : الناس لا يختلفون في توثيق عمرو بن شعيب قال ابن راهويه : عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده كأيوب عن نافع عن ابن عمر وقال البخاري : رأيت أحمد بن حنبل وعلي بن عبد الله وابن راهويه والحميدي يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه فمن الناس بعدهم وأما قول ابن حبان : لم يصح سماع شعيب من جده عبد الله فقال الدارقطني : هو خطأ وقد روى عبيد الله بن عمر العمري وهو من الأئمة العدول عن عمرو بن شعيب عن أبيه قال : كنت جالسا عند عبد الله بن عمرو فجاء رجل فاستفتاه في مسألة فقال : يا شعيب امض معه إلى ابن عباس فقد صح بهذا سماع شعيب من جده عبد الله وقد أثبت سماعه منه أحمد بن حنبل وغيره . وقال الدارقطني : جده الأدنى محمد ولم يدرك رسول الله صلى الله عليه وسلّم وجده الأعلى عمرو بن العاص ولم يدركه شعيب وجده الأوسط عبد الله وقد أدركه فإذا لم يسم جده احتمل أن يكون محمدا واحتمل أن يكون عمروا فيكون في الحالين مرسلا واحتمل أن يكون عبد الله الذي أدركه فلا يصح الحديث ولا يسلم من الإرسال إلا أن يقول فيه : عن جده عبد الله بن عمرو قال ابن الجوزي C : وهذا الحديث قد سمى فيه جده عبد الله فسلم من الإرسال على أن المرسل عندنا حجة انتهى . وقال الحاكم في " كتاب البيوع من المستدرك " : لم أزل أطلب الحجة الظاهرة في سماع شعيب بن محمد من عبد الله بن عمرو فلم أقدر عليها ( 14 ) .
حديث آخر : رواه الطبراني في " معجمه الوسط " ( 15 ) حدثنا علي بن سعيد الرازي حدثنا الفرات بن محمد القيرواني حدثنا شجرة بن عيسى المغافري عن عبد الملك بن أبي كريمة عن عمارة بن غزية عن يحيى بن سعيد عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة " انتهى . قال الطبراني : لا يروى هذا الحديث عن أنس إلا بهذا الإسناد انتهى