11 - وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا .
- 12 - وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا .
- 13 - وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا .
- 14 - وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا .
- 15 - وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا .
- 16 - وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا .
- 17 - لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا .
يقول تعالى مخبرا عن الجن { وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك } أي غير ذلك { كنا طرائق قددا } أي طرائق متعددة مختلفة وآراء متفرقة قال ابن عباس ومجاهد { كنا طرائق قددا } أي منا المؤمن ومنا الكافر وذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة العباس بن أحمد الدمشقي قال سمعت بعض الجن وأنا في منزل لي بالليل ينشد : .
قلوب براها الحب حتى تعلقت ... مذاهبها في كل غرب وشارق .
تهيم بحب الله والله ربها ... معلقة بالله دون الخلائق .
وقوله تعالى : { وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا } أي نعلم أن قدرة الله حاكمة علينا وأنا لانعجزه ولو أمعنا في الهرب فإنه علينا قادر لا يعجزه أحد منا { وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به } يفتخرون بذلك وهو مفخر لهم وشرف رفيع وصفة حسنة وقولهم : { فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا } قال ابن عباس وقتادة : فلا يخاف أن ينقص من حسناته أو يحمل عليه غير سيئاته كما قال تعالى : { فلا يخاف ظلما ولا هضما } { وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون } أي منا المسلم ومنا القاسط وهو الجائر عن الحق الناكب عنه بخلاف المقسط فإنه العادل { فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا } أي طلبوا لأنفسهم النجاة { وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا } أي وقودا تسعر بهم { وأن لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا ... لنفتنهم فيه } اختلف المفسرون في معنى هذا على قولين : ( أحدهما ) : وأن لو استقام القاسطون على طريقة الإسلام واستمروا عليها { لأسقيناهم ماء غدقا } أي كثيرا والمراد بذلك سعة الرزق كقوله تعالى : { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض } وعلى هذا يكون معنى قوله : { لنفتنهم فيه } أي لنختبرهم من يستمر على الهداية ممن يرتد إلى الغواية قال ابن عباس : { وأن لو استقاموا على الطريقة } يعني بالاستقامة الطاعة وقال مجاهد : يعني الإسلام ( وكذا قال سعيد بن جبير وعطاء والسدي وابن المسيب ومحمد بن كعب القرظي ) . وقال قتادة : { وأن لو استقاموا على الطريقة } يقول : لو آمنوا كلهم لأوسعنا عليهم من الدنيا . قال مقاتل : نزلت في كفار قريش حين منعوا المطر سبع سنين ( والقول الثاني ) : { وأن لو استقاموا على الطريقة } الضلال { لأسقيناهم ماء غدقا } أي لأوسعنا عليهم الرزق استدراجا كما قال تعالى : { فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء } وهذا من قول أبي مجلز وحكاه البغوي عن الربيع وزيد بن أسلم والكلبي وله اتجاه ويتأيد بقوله { لنفتنهم فيه } وقوله : { ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا } أي عذابا مشقا موجعا مؤلما قال ابن عباس ومجاهد { عذابا صعدا } أي مشقة لا راحة معها وعن ابن عباس : جبل في جهنم