يقول تعالى كما أرقدناهم بعثناهم صحيحة أبدانهم وأشعارهم وأبصارهم لم يفقدوا من أحوالهم وهيآتهم شيئا وذلك بعد ثلثمائة سنة وتسع سنين ولهذا تساءلوا بينهم { كم لبثتم } أي كم رقدتم ؟ { قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم } لأنه كان دخولهم إلى الكهف في أول نهار واستيقاظهم كان في آخر نهار ولهذا استدركوا فقالوا : { أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم } أي الله أعلم بأمركم وكأنه حصل لهم نوع تردد في كثرة نومهم فالله أعلم ثم عدلوا إلى الأهم في أمرهم إذ ذاك وهو احتياجهم إلى الطعام والشراب فقالوا : { فابعثوا أحدكم بورقكم } أي فضتكم هذه وذلك أنهم كانوا قد استصحبوا معهم دراهم من منازلهم لحاجتهم إليها فتصدقوا منها وبقي منها فلهذا قالوا : { فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة } أي مدينتكم التي خرجتم منها والألف واللام للعهد { فلينظر أيها أزكى طعاما } أي أطيب طعاما كقوله : { ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا } وقوله : { قد أفلح من تزكى } ومنه الزكاة التي تطيب المال وتطهره وقيل : أكثر طعاما ومنه زكا الزرع إذا كثر قال الشاعر : .
( قبائلنا سبع وأنتم ثلاثة ... والسبع أزكى من ثلاث وأطيب ) .
والصحيح الأول لأن مقصودهم إنما هو الطيب الحلال سواء كان كثيرا أو قليلا وقوله { وليتلطف } أي في خروجه وذهابه وشرائه وإيابه يقولون : وليختف كل ما يقدر عليه { ولا يشعرن } أي ولا يعلمن { بكم أحدا * إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم } أي إن علموا بمكانكم { يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم } يعنون أصحاب دقيانوس يخافون منهم أن يطلعوا على مكانهم فلا يزالون يعذبونهم بأنواع العذاب إلى أن يعيدوهم في ملتهم التي هم عليها أو يموتوا وإن وافقتموهم على العود في الدين فلا فلاح لكم في الدنيا ولا في الاخرة ولهذا قال : { ولن تفلحوا إذا أبدا }