وأما قوله فإنه يعلم السر وأخفى 1 أي من السر فعن ابن عباس وغيره السر ما أسررت في نفسك وأخفى منه ما لم تحدث به نفسك مما يكون في عد علم الله فيهما سواء ولا شك أن الآتي أبلغ وفيه وجهان .
أحدهما أنه أفعل تفضيل يستدعي مفضلا عليه علم حتى يتحقق في نفسه فيكون حينئذ تقديم السر من النوع الأول .
وثانيهما مراعاة رءوس الآي .
ومنها شرف الإدراك كتقديم السمع على البصر والسميع على البصير لأن السمع أشرف على أرجح القولين عند جماعة وقدم القلب عليهما في قوله تعالى ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة 2 لأن الحواس خدمة القلب وموصلة إليه وهو المقصود وأما قوله وختم على سمعه وقلبه 3 فأخر القلب فيها لأن العناية هناك بذم المتصامين عن السماع ومنهم الذين كانوا يجعلون القطن في آذانهم حتى لا يسمعوا ولهذا صدرت السورة بذكرهم في قوله ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها 4 .
ومنها شرف العجازاة كقوله من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة 5 .
ومنها شرف العموم فإن العام أشرف من الخاص كتقديم العفو على الغفور أي عفو عما لم يؤاخذنا به مما نستحقه بذنوبنا غفور لما واخذنا به في الدنيا قبلنا ورجعنا إليه فتقدم العفو على الغفور لأنه أعم وأخرت المغفرة لأنها أخص