لو لم يشترط لجاز سقوط كثير من القرآن المكرر وثبوت كثير مما ليس بقرآن أما الأول فلأنا لو لم نشترط التواتر في المحل جاز ألا يتواتر كثير من المتكررات الواقعة في القرآن مثل فبأي آلاء ربكما تكذبان وأما الثاني فلأنه إذا لم يتواتر بعض القرآن بحسب المحل جاز إثبات ذلك البعض في الموضع بنقل الآحاد .
1057 - وقال القاضي أبو بكر في الانتصار ذهب قوم من الفقهاء والمتكلمين إلى إثبات قرآن حكما لا علما بخبر الواحد دون الاستفاضة وكره ذلك أهل الحق وامتنعوا منه .
1058 - وقال قوم من المتكلمين إنه يسوغ إعمال الرأي والاجتهاد في إثبات قراءة وأوجه وأحرف إذا كانت تلك الأوجه صوابا في العربية وإن لم يثبت أن النبي قرأ بها وأبى ذلك أهل الحق وأنكروه وخطؤوا من قال به انتهى .
1059 - وقد بنى المالكية وغيرهم ممن قال بإنكار البسملة قولهم على هذا الأصل وقرروه بأنها لم تتواتر في أوائل السور وما لم يتواتر فليس بقرآن .
1060 - وأجيب من قبلنا بمنع كونها لم تتواتر فرب متواتر عند قوم دون آخرين وفي وقت دون آخر ويكفي في تواترها إثباتها في مصاحف الصحابة فمن بعدهم بخط المصحف مع منعهم أن يكتب في المصحف ما ليس منه كأسماء السور وآمين والأعشار فلو لم تكن قرآنا لما استجازوا إثباتها بخطه من غير تمييز لأن ذلك يحمل على اعتقادها فيكونون مغررين بالمسلمين حاملين لهم على إعتقاد ما ليس بقرآن قرآنا وهذا مما لا يجوز اعتقاده في الصحابة .
1061 - فإن قيل لعلها أثبتت للفصل بين السور أجيب بأن هذا فيه تغرير ولا يجوز ارتكابه لمجرد الفصل ولو كانت له لكتبت بين براءة والأنفال .
1062 - ويدل لكونها قرآنا منزلا ما أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم وغيرهم عن أم سلمة أن النبي كان يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين . . . الحديث وفيه وعد بسم الله الرحمن الرحيم آية ولم يعد عليهم .
1063 - وأخرج ابن خزيمة والبيهقي في المعرفة بسند صحيح من طريق سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال إسترق الشيطان من الناس أعظم آية من القرآن بسم الله الرحمن الرحيم