فوائد أخرى لاختلاف القراءة وتعدد الحروف .
كل ما مر عليك في الشاهد الأول تقرير لحكمة واحدة وفائدة واحدة من فوائد اختلاف القراءات وتعدد الحروف التي نزل عليها القرآن الكريم وهي أبرز الفوائد وأشهرها وأقربها إلى الذهن .
ونحيطك علما هنا بأن لهذا الاختلاف والتعدد فوائد أخرى .
منها جمع الأمة الإسلامية الجديدة على لسان واحد يوحد بينها وهو لسان قريش الذي نزل به القرآن الكريم والذي انتظم كثيرا من مختارات ألسنة القبائل العربية التي كانت تختلف إلى مكة في موسم الحج وأسواق العرب المشهورة .
فكان القرشيون يستملحون ما شاؤوا ويصطفون ما راق لهم من ألفاظ الوفود العربية القادمة إليهم من كل صوب وحدب ثم يصقلونه ويهذبونه ويدخلونه في دائرة لغتهم المرنة التي أذعن جميع العرب لها بالزعامة وعقدوا لها راية الإمامة .
وعلى هذه السياسة الرشيدة نزل القرآن على سبعة أحرف يصطفي ما شاء من لغات القبائل العربية على نمط سياسةالقرشيين بل أوفق .
ومن هنا صح أن يقال إنه نزل بلغة قريش لأن لغات العرب جمعاء تمثلت في لسان القرشيين بهذا المعنى .
وكانت هذه حكمة إلهية سامية فإن وحدة اللسان العام من أهم العوامل في وحدة الأمة خصوصا أول عهد بالتوثب والنهوض .
ومنها بيان حكم من الأحكام كقوله سبحانه كان رجل يورث كللة أو أمرأة وله أخ أو أخت فلكل وحد منهما السدس 4 النساء 12 قرأ سعد بن أبي وقاص وله أخ أو أخت من أم بزيادة لفظ من أم فتبين بها أن المراد بالإخوة في هذا الحكم الإخوة للأم دون الأشقاء ومن كانوا لأب وهذا أمر مجمع عليه .
ومثل ذلك قوله سبحانه في كفارة اليمين فكفرته إطعام عشرة مسكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة 5 المائدة 89 وجاء في قراءة أو تحرير رقبة مؤمنة بزيادة لفظ مؤمنة فتبين بها اشتراط الإيمان في الرقيق الذي يعتق كفارة يمين .
وهذا يؤيد مذهب الشافعي ومن نحا نحوه في وجوب توافر ذلك الشرط .
ومنها الجمع بين حكمين مختلفين بمجموع القراءتين كقوله تعالى فأعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن 2 البقرة 222 قرىء بالتخفيف والتشديد في حرف الطاء من كلمة يطهرن ولا ريب أن صيغة التشديد تفيد وجوب المبالغة في طهر النساء من الحيض لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى .
أما قراءة التخفيف فلا تفيد هذه المبالغة .
ومجموع القراءتين يحكم بأمرين أحدهما أن الحائض لا يقربها زوجها حتى يحصل أصل الطهر .
وذلك بانقطاع الحيض .
وثانيهما أنها لا يقربها زوجها أيضا إلا إن