3 - وموقف الصحابة في محراب الفصاحة والبيان وعلو كعبهم في نقد الكلام وكمال ذوقهم في إدراك إعجاز القرآن وبلاغة النبي E كل أولئك ييسر عليهم التثبت ويهون عليهم أن يردوا ما ليس من كلام الله وكلام رسوله ضرورة أنهم يدركون الفوارق بين الأساليب الفاضلة والمفضولة ويزنون كلامهم بموازينهم البلاغية الصادقة .
انظر العامل الخامس من عوامل الحفظ .
4 - وعلم الصحابة بمنزلة الكتاب والسنة من الدين يجعلهم بلا شك يهتمون بالتثبت منهما والحيطة لهما .
انظر العامل السابع من عوامل الحفظ .
5 - واقتران الكتاب بالإعجاز واقتران السنة ببعض المعجزات والغرائب ثم ارتباط كثير من آيات القرآن وأحاديث الرسول بالحوادث والوقائع كل أولئك مما يجعل النفوس تتوثق منهما ولا تشتبه فيهما ولا تقبل التزيد والكذب عليهما .
انظر العامل الثامن والتاسع من عوامل الحفظ .
إذا جمعت هذه العوامل وأمثالها إلى العشرة المسطورة بين يديك رأيت بضعة عشر عاملا من الدواعي المتوافرة والأدلة القائمة على أمانة الصحابة وتثبتهم من الكتاب والسنة .
مظاهر هذا التثبت .
وهكذا نتصفح تاريخ الصحابة ونقتفي آثارهم فإذا هي شواهد حق على تغلغل فضيلة الصدق فيهم وشدة نفورهم ونقاء ساحتهم من الكذب وما يشبه الكذب .
هذا عمر Bه يقول أحبكم إلينا ما لم نركم أحسنكم اسما فإذا رأيناكم فأحبكم إلينا أحسنكم خلقا فإذا اختبرناكم فأحبكم إلينا أصدقكم حديثا .
وهذا علي كرم الله وجهه يقول أعظم الخطايا عند الله D اللسان الكذوب .
ويقول مرة أخرى إذا حدثتكم عن رسول الله فلأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه .
وإن شئتم فاعجبوا من سعيد بن المسيب وهو أحد من رباهم الصحابة رمدت عيناه مرة حتى بلغ الرمد خارجهما والرمد وسخ أبيض من مجرى الدمع من العين فقيل له لو مسحت عينيك .
فقال وأين قول الطبيب لا تمس عينيك فأقول لا أفعل .
وتدبروا ما رواه مسلم بسنده عن مجاهد قال جاء بشير العدوي إلى ابن عباس فجعل يحدث ويقول قال رسول الله .
فجعل ابن عباس لا يأذن له ولا ينظر إليه .
فقال يا بن عباس ما لي لا أراك تسمع لحديثي أحدثك عن رسول الله ولا تسمع فقال ابن عباس إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول قال رسول الله ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف