ثانيها أن المقصود من ثبوت القرآن في اللوح وفي سماء الدنيا وفي قلب النبي هو إعلام الخلق في العالمين العلوي والسفلي بما شاء الله دلالة البشر عليه من هذا الحق .
ثالثها أن تفسير الإنزال بالإعلام ينسجم مع القرآن بأي إطلاق من إطلاقاته وعلى أي تنزل من تنزلاته .
تنزلات القرآن .
شرف الله هذا القرآن بأن جعل له ثلاثة تنزلات .
1 - التنزل الأول إلى اللوح المحفوظ ودليله قول سبحانه بل هو قرءان مجيد في لوح محفوظ 85 البروج 21 - 22 .
وكان هذا الوجود في اللوح بطريقة وفي وقت لا يعلمهما إلا الله تعالى ومن أطلعه على غيبه .
وكان جملة لا مفرقا لأنه الظاهر من اللفظ عند الإطلاق ولا صارف عنه .
ولأن أسرار تنجيم القرآن على النبي لا يعقل تحققها في هذا التنزل .
وحكمة هذا النزول ترجع إلى الحكمة العامة من وجود اللوح نفسه وإقامته سجلا جامعا لكل ما قضى الله وقدر وكل ما كان وما يكون من عوالم الإيجاد والتكوين .
فهو شاهد ناطق ومظهر من أروع المظاهر الدالة على عظمة الله وعلمه وإرادته وحكمته وواسع سلطانه وقدرته .
ولا ريب أن الإيمان به يقوي إيمان العبد بربه من هذه النواحي ويبعث الطمأنينة إلى نفسه والثقة بكل ما يظهره الله لخلقه من ألوان هدايته وشرائعه وكتبه وسائر أقضيته وشؤونه في عباده كما يحمل الناس على السكون والرضا تحت سلطان القدر والقضاء ومن هنا تهون عليهم الحياة بضرائها وسرائها كما قال جل شأنه ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما ءأتكم والله لا يحب كل مختال فخور 57 الحديد 22 - 23 ا ه .
وللإيمان باللوح وبالكتابة فيه أثر صالح في استقامة المؤمن على الجادة وتفانيه في طاعة الله ومراضيه وبعده عن مساخطه ومعاصيه لاعتقاده أنها مسطورة عند الله في لوحه .
مسجلة لديه في كتابه .
كما قال جل ذكره وكل صغير وكبير مستطر 54 القمر 53 ا ه .
ب - التنزل الثاني للقرآن كان هذا التنزل الثاني إلى بيت العزة في السماء الدنيا والدليل عليه قوله سبحانه في سورة الدخان إنا أنزلنه في ليلة مبركة 44 الدخان 3 .
وفي سورة القدر إنا أنزلنه في ليلة القدر 97 القدر 1 .
وفي سورة البقرة شهر رمضان الذي أنزل فيه القرءان 2 البقرة 185