وقد صارت تلك العلوم غريبة بحيث يمقت ذكراها ولذلك قال الثوري C إذا رأيت العالم كثير الأصدقاء فاعلم أنه مخلط لأنه إن نطق بالحق أبغضوه انتهى كلام الإمام الغزالي ضاعف الله أجره وأحسن ذخره ووهبنا السلامة والعافية بمنه وكرمه آمين ت .
تفاسير أهل الكلام .
كل إنسان تغلب عليه نزعته في كتابته وتلوح عقيدته من خلال تأليفه وتحديثه كما قلنا وذلك هو الشأن في علماء الكلام حين تصدوا لتفسير كتاب الله فالسني لاحت على تفسيره أنوار أهل السنة والمعتزلي فاحت من جوانب بيانه روائح الاعتزال والشيعي هبت من نواحي تأويله ريح التشيع وهكذا .
بيد أن الفرق بينهم كبير في التعصب أو القصد وفي الإيجاز أو البسط .
وقد مضى بك الحديث في تفاسير المعتزلة والشيعة ورأيت كيف كان الزمخشري في اعتزاله مقتصدا مستخفيا وكيف كان القاضي عبد الجبار متعصبا مستعلنا وكيف كان المولى عبد اللطيف متشيعا مسرفا .
وكذلك تجد في أهل السنة أنفسهم من هو قاصد في تأييد عقيدته بتفسيره كأولئك الذين ترجمناهم وترجمنا تفاسيرهم من قبل عند الكلام على أشهر كتب التفسير بالرأي المحمود .
ومن أهل السنة من استبسل في الدفاع عن عقيدتهم في تفسيره وعلى رأس هؤلاء الإمام فخر الدين الرازي الذي شنها حربا شعواء في كل مناسبة على أهل الزيغ والانحراف في العقيدة وقد سلك في تفسيره مفاتيح الغيب المشهور بتفسير الفخر مسلك الحكماء الإلهيين فصاغ أدلته في مباحث الإلهيات على نمط استدلالاتهم العقلية ولكن مع تهذيبها بما يوافق أصول أهل السنة وكذلك تعرض لشبههم بالنقض والتفنيد في كثير من المواضع .
كما أنه سلك طريقة الطبيعيين في الكونيات فتكلم في الأفلاك والأبراج وفي السماء والأرض وفي الحيوان والنبات وفي أجزاء الإنسان وغير ذلك مما جر إليه الاستدلال على وجود الله جل جلاله غفر الله له وشكر صنيعه والله خير الشاكرين خ .
مزج العلوم الأدبية والكونية وغيرها بالتفسير وسبب ذلك وأثره .
القرآن كتاب هداية وإعجاز وهدايته وإعجازه يصورهما المفسر ويشرحهما في