الذي صيغ به هذا النهي ويقولون ما باله ينهى عن ربط اليد بالعنق وعن مدها غاية المد وقد يلصقون هذا العيب بالأصل ظلما وما العيب إلا فيما يزعمونه ترجمة للقرآن من هذا النوع .
أما إذا أردت ترجمة هذا النظم الكريم ترجمة تفسيرية فإنك بعد أن تفهم المراد وهو النهي عن التقتير والتبذير في أبشع صورة منفرة منها تعمد إلى هذه الترجمة فتأتي منها بعبارة تدل على هذا النهي المراد في أسلوب يترك في نفس المترجم لهم أكبر الأثر في استبشاع التقتير والتبذير ولا عليك من عدم رعاية الأصل في نظمه وترتيبه اللفظي .
وإنما قلنا عند عرض هذا المثال على فرض إمكانها لما ستعرفه بعد من استحالة الترجمة بهذا المعنى العرفي في القرآن الكريم والمثال لا يشترط صحته كما هو معلوم .
ما لا بد منه في الترجمة مطلقا .
لا بد لتحقيق معنى الترجمة مطلقا حرفية كانت أو تفسيرية من أمور أربعة .
أولها معرفة المترجم لأوضاع اللغتين لغة الأصل ولغة الترجمة .
ثانيها معرفته لأساليبهما وخصائصهما .
ثالثها وفاء الترجمة بجميع معاني الأصل ومقاصده على وجه مطمئن .
رابعها أن تكون صيغة الترجمة مستقلة عن الأصل بحيث يمكن أن يستغني بها عنه أن تحل محله كأنه لا أصل هناك ولا فرع وسيأتي بيان ذلك في الفروق بين الترجمة والتفسير .
ما لا بد منه في الترجمة الحرفية .
ثم إن الترجمة الحرفية تتوقف بعد هذه الأربعة على أمرين آخرين .
أحدهما وجود مفردات في لغة الترجمة مساوية للمفردات التي تألف منها الأصل حتى يمكن أن يحل كل مفرد من الترجمة محل نظيره من الأصل كما هو ملحوظ في معنى الترجمة الحرفية .
ثانيهما تشابه اللغتين في الضمائر المستترة والروابط التي تربط المفردات لتأليف التراكيب سواء في هذا التشابه ذوات الروابط وأمكنتها وإنما اشترطنا هذا التشابه لأن محاكاة هذه الترجمة لأصلها في ترتيبه تقتضيه ثم إن هذين الشرطين عسيران وثانيهما أعسر من الأول فهيهات أن تجد في لغة الترجمة مفردات مساوية لجميع مفردات الأصل ثم هيهات هيهات أن تظفر بالتشابه بين اللغتين المنقول منها والمنقول إليها في الضمائر المستترة وفي دوام الروابط بين المفردات لتأليف المركبات