رابعها كشف حال أعداء الله المنافقين وهتك أستارهم وسرائرهم للنبي والمسلمين كيما يأخذوا منهم حذرهم فيأمنوا شرهم .
وحتى يتوب من شاء منهم .
اقرأ إن شئت قوله تعالى في سورة البقرة ومن الناس من يقول ءامنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين 2 البقرة 8 إلى قوله إن الله على كل شيء قدير 2 البقرة 20 وهن ثلاث عشرة آية فضحت المنافقين كما فضحتهم سورة التوبة في كثير من الآيات وكما كشف القرآن أستارهم في كثير من المناسبات .
ويمكن أن تندرج هذه الحكمة الثالثة بمضامينها الأربعة في قول الله تعالى في تلك الآية من سورة الفرقان ولا يأتونك بمثل إلا جئنك بالحق وأحسن تفسيرا 25 الفرقان 33 .
الحكمة الرابعة .
الإرشاد إلى مصدر القرآن وأنه كلام الله وحده وأنه لا يمكن أن يكون كلام محمد ولا كلام مخلوق سواه .
وبيان ذلك .
أن القرآن الكريم تقرؤه من أوله إلى آخره فإذا هو محكم السرد دقيق السبك متين الأسلوب قوي الاتصال آخذ بعضه برقاب بعض في سورة وآياته وجمله يجري دم الإعجاز فيه كله من ألفه إلى يائه كأنه سبيكة واحدة ولا يكاد يوجد بين أجزائه تفكك ولا تخاذل كأنه حلقة مفرغة أو كأنه سمط وحيد وعقد فريد يأخذ بالأبصار نظمت حروفه وكلماته ونسقت جمله وآياته وجاء آخره مساوقا لأوله وبدا أوله مواتيا لآخره .
وهنا نتساءل كيف اتسق للقرآن هذا التأليف المعجز وكيف استقام له هذا التناسق المدهش .
على حين أنه يتنزل جملة واحدة بل تنزل آحادا مفرقة تفرق الوقائع والحوادث في أكثر من عشرين عاما .
الجواب أننا نلمح هنا سرا جديدا من أسرار الإعجاز ونشهد سمة فذة من سمات الربوبية ونقرأ دليلا ساطعا على مصدر القرآن وأنه كلام الواحد الديان ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلفا كثيرا 4 النساء 82 .
وإلا فحدثني بربك كيف تستطيع أنت أم كيف يستطيع الخلق جميعا أن يأتوا بكتاب محكم الاتصال والترابط متين النسج والسرد متآلف البدايات والنهايات مع خضوعه في التأليف لعوامل خارجة عن مقدور البشر وهي وقائع الزمن وأحداثه التي يجيء كل جزء من أجزاء هذا الكتاب تبعا لها ومتحدثا عنها سببا بعد سبب وداعية إثر داعية مع اختلاف ما بين هذه الدواعي وتغاير ما بين تلك الأسباب ومع تراخي زمان هذا التأليف وتطاول آماد هذه النجوم إلى أكثر من عشرين عاما