ونجيب على هذا من وجوه أولها أن هذا خبر مجهول الأصل لا يعرف له سند فلا يجوز العمل به ثانيها أن الخبر لو كان لنقل وتواتر لأنه مما تتوافر الدواعي على نقله وتواتره ثالثها أنه يحمل دليل وهنه فيه ذلك أنهم سألوه أن يكتب لهم ترجمة الفاتحة فلم يكتبها لهم إنما كنب لهم ترجمة البسملة ولو كانت الترجمة ممكنة وجائزة لأجابهم إلى ما طلبوا وجوبا وإلا كان كاتما وكاتم العلم ملعون رابعها أن المتأمل في الخبر يدرك أن البسملة نفسها لم تترجم لهم كاملة لأن هذه الألفاظ التي ساقتها الرواية على أنها ترجمة للبسملة لم يؤت فيها بلفظ مقابل للفظ الرحمن وكأن ذلك لعجز اللغة الفارسية عن وجود نظير فيها لهذا الاسم الكريم وهذا دليل مادي على أن المراد بالترجمة هنا الترجمةة اللغوية لا العرفية على فرض ثبوت الرواية .
خامسها أنه قد وقع اختلاف في لفظ هذا الخبر بالزيادة والنقص وذلك موجب لاضطرابه ورده والدليل على هذا الاضطراب أن النووي في المجموع نقله بلفظ آخر هذا نصه إن قوما من أهل فارس طلبوا من سلمان أن يكتب لهم شيئا من القرآن فكتب لهم الفاتحة بالفارسية .
وبين هذه الرواية وتلك مخالفة ظاهرة إذ إن هذه ذكرت الفاتحة وتلك ذكرت البسملة بل بعض البسملة ثم إنها لم تعرض لحكاية العرض على النبي أما تلك فعرضت له .
سادسها أن هذه الرواية على فرض صحتها معارضة للقاطع من الأدلة السابقة القائمة على استحالة الترجمة وحرمتها ومعارض القاطع ساقط .
حكم قراءة الترجمة والصلاة بها .
تكاد كلمة الفقهاء تتفق على منع قراءة ترجمة القرآن بأي لغة كانت فارسية أو غيرها وسواء أكانت قراءة هذه الترجمة في صلاة أم في غير صلاة لولا خلاف واضطراب في بعض نقول الحنفية .
وإليك نبذا من أقوال الفقهاء على اختلاف مذاهبهم تتنور بها في ذلك .
مذهب الشافعية .
قال في المجموع مذهبنا أي الشافعية أنه لا تجوز قراءة القرآن بغير لسان العرب سواء أمكنته العربية أم عجز عنها وسواء أكان في الصلاة أم في غيرها فإن أتى بترجمته في صلاة بدلا عنها لم تصح صلاته سواء أحسن القراءة أم لا وبه قال جماهير العلماء منهم مالك وأحمد وأبو داود