جاء منهم مسلما رده عليهم وقد وفى بعده في أبي جندل وجماعة من المكيين جاؤوا مسلمين ثم جاءته امرأة فهم أن يردها فأنزل الله يأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن الآية .
شبهة للمانعين ودفعها .
أورد المانعون على هذا الاستدلال المعتمد على تلك الوقائع شبهة قالوا في تصويرها يجوز أن يكون النسخ فيما ذكرتم ثابتا بالسنة ثم جاء القرآن موافقا لها وبهذا يؤول الأمر إلى نسخ السنة بالسنة ويجوز أن الحكم المنسوخ كان ثابتا أولأ بقرآن نسخت تلاوته ثم جاءت السنة موافقة له وبهذا يؤول الأمر إلى نسخ قرآن بقرآن .
وندفع هذه الشبهة بأنها قائمة على مجرد احتمالات واهية لا يؤيدها دليل ولو فتحنا بابها وجعلنا لها اعتبارا لما جاز لففيه أن يحكم على نص بأنه ناسخ لآخر إلا إذا ثبت ذلك صريحا عن رسول الله ولكن ذلك باطل بإجماع الأمة على خلافه واتفاقها على أن الحكم إنما يسند إلى دليله الذي لا يعرف سواه بعد الاستقراء الممكن .
أدلة المانعين ونقضها .
قالوا إن قوله سبحانه وتعالى وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم يفيد أن السنة ليست إلا بيانا للقرآن فإذا نسخها القرآن خرجت عن كونها بيانا له .
وننقض هذا بأن الآية ليس فيها طريق من طرق الحصر وعلى فرض وجود الحصر فالمراد بالبيان في الآية التبليغ لا الشرح ولا ريب أن التبليغ إظهار وعلى فرض أن الآية حاصرة للسنة في البيان بمعنى الشرح لا التبليغ فبيانها بعد النسخ باق في الجملة وذلك بالنسبة لما لم ينسخ منها وأنت تعلم أن بقاء الحكم الشرعي مشروط بعدم ورود ناسخ فتدبر ولاحظ التفصيل الذي ذكرناه هناك في نقض الدليل لمانعي نسخ القرآن بالسنة فإنه يفيدك هنا .
قال المانعون أيضا إن نسخ السنة بالقرآن يلبس على الناس دينهم ويزعزع ثقتهم بالسنة ويوقع في روعهم أنها غير مرضية لله وذلك يفوت مقصود الشارع من وجوب اتباع الرسول وطاعته واقتداء الخلق به في أقواله وأفعاله ولا ريب أن هذا باطل فما استلزمه وهو نسخ السنة بالقرآن باطل .
وننقض هذا الاستدلال أولا بأن مثله يمكن أن يقال في أي نوع آخر من أنواع النسخ التي تقولون بها فما يكون جوابا لكم يكون مثله جوابا لنا