وتعاهد أحوال المعاش بأنفسهم والاعتراف لأهل الفضل بفضلهم وإكرام طلبة العلم وتقديم حوائجهم على حوائج أنفسهم قوله فأخذ رداءه فاحتبى فيه التأهب لالقاء العلم وترك التحديث في حالة المهنة إعظاما للحديث قوله حتى أتى على ذكر بناء المسجد أي النبوي وفي رواية كريمة حتى إذا أتى قوله وعمار لبنتين زاد معمر في جامعه لبنة عنه ولبنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم وفيه جواز ارتكاب المشقة في عمل البر وتوقير الرئيس والقيام عنه بما يتعاطاه من المصالح وفضل بنيان المساجد قوله فرآه النبي صلى الله عليه وسلّم فينفض فيه التعبير بصيغة المضارع في موضع الماضي مبالغة لاستحضار ذلك في نفس السامع كأنه يشاهد وفي رواية الكشميهني فجعل ينفض قوله التراب عنه زاد في الجهاد عن رأسه وكذا لمسلم وفيه إكرام العامل في سبيل الله والإحسان إليه بالفعل والقول قوله ويقول أي في تلك الحال ويح عمار هي كلمة رحمة وهي بفتح الحاء إذا أضيفت فإن لم تضف جاز الرفع والنصب مع التنوين فيهما قوله يدعوهم أعاد الضمير على غير مذكور والمراد قتلته كما ثبت من وجه آخر تقتله الفئة الباغية يدعوهم الخ وسيأتي التنبيه عليه فإن قيل كان قتله بصفين وهو مع على والذين قتلوه مع معاوية وكان معه جماعة من الصحابة فكيف يجوز عليهم الدعاء إلى النار فالجواب أنهم كانوا ظانين أنهم يدعون إلى الجنة وهم مجتهدون لا لوم عليهم في أتباع ظنونهم فالمراد بالدعاء إلى الجنة الدعاء إلى سببها وهو طاعة الإمام وكذلك كان عمار يدعوهم إلى طاعة على وهو الإمام الواجب الطاعه إذ ذاك وكانوا هم يدعون إلى خلاف ذلك لكنهم معذورون للتأويل الذي ظهر لهم وقال بن بطال تبعا للمهلب إنما يصح هذا في الخوارج الذين بعث إليهم على عمارا يدعوهم إلى الجماعة ولا يصح في أحد من الصحابة وتابعه على هذا الكلام جماعة من الشراح وفيه نظر من أوجه أحدها أن الخوارج إنما خرجوا على على بعد قتل عمار بلا خلاف بين أهل العلم بذلك فإن ابتداء أمر الخوارج كان عقب التحكيم وكان التحكيم عقب انتهاء القتال بصفين وكان قتل عمار قبل ذلك قطعا فكيف يبعثه إليهم على بعد موته ثانيها أن الذين بعث إليهم على عمارا إنما هم أهل الكوفة بعثه يستنفرهم على قتال عائشة ومن معها قبل وقعة الجمل وكان فيهم من الصحابة جماعة كمن كان مع معاوية وأفضل وسيأتي التصريح بذلك عند المصنف في كتاب الفتن فما فر منه المهلب وقع في مثله مع زيادة إطلاقه عليهم تسمية الخوارج وحاشاهم من ذلك ثالثها أنه شرح على ظاهر ما وقع في هذه الرواية الناقصة ويمكن حمله على أن المراد بالذين يدعونه إلى النار كفار قريش كما صرح به بعض الشراح لكن وقع في رواية بن السكن وكريمة وغيرهما وكذا ثبت في نسخة الصغاني التي ذكر أنه قابلها على نسخة الفربري التي بخطه زيادة توضح المراد وتفصح بان الضمير يعود على قتلته وهم أهل الشام ولفظه ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم الحديث وأعلم أن هذه الزيادة لم يذكرها الحميدي في الجمع وقال إن البخاري لم يذكرها أصلا وكذا قال أبو مسعود قال الحميدي ولعلها لم تقع للبخاري أو وقعت فحذفها عمدا قال وقد أخرجها الإسماعيلي والبرقاني في هذا الحديث قلت ويظهر لي أن البخاري حذفها عمدا وذلك لنكتة خفية وهي أن أبا سعيد الخدري اعترف أنه لم يسمع هذه الزيادة من النبي صلى الله عليه وسلّم فدل على أنها في هذه الرواية مدرجة والرواية التي بينت ذلك ليست على شرط البخاري وقد أخرجها البزار من طريق داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد فذكر الحديث في بناء المسجد وحملهم لبنة لبنة وفيه فقال أبو سعيد فحدثني أصحابي ولم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال يا بن سمية تقتلك الفئة الباغية أه وبن سمية هو عمار وسمية اسم أمه وهذا الإسناد على شرط