الذنوب حتى لا تبقى له ذنبا إلا أسقطته انتهى وظاهرة أن المراد بالخطايا في الحديث ما هو أعم من الصغيرة والكبيرة لكن قال بن بطال يؤخذ من الحديث أن المراد الصغائر خاصة لأنه شبه الخطايا بالدرن والدرن صغير بالنسبة إلى ما هو أكبر منه من القروح والخراجات انتهى وهو مبنى على أن المراد بالدرن في الحديث الحب والظاهر أن المراد به الوسخ لأنه هو الذي يناسبة الاغتسال والتنظف وقد جاء من حديث أبي سعيد الخدري التصريح بذلك وهو فيما أخرجه البزار والطبراني بإسناد لا بأس به من طريق عطاء بن يسار أنه سمع أبا سعيد الخدري يحدث أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول أرأيت لو أن رجلا كان له معتمل وبين منزلة ومعتملة خمسة أنهار فإذا انطلق إلى معتمله عمل ما شاء الله فأصابه وسخ أو عرق فكلما مر بنهر اغتسل منه الحديث ولهذا قال القرطبي ظاهر الحديث أن الصلوات الخمس تستقل بتكفير جميع الذنوب وهو مشكل لكن روى مسلم قبله حديث العلاء عن أبية عن أبي هريرة مرفوعا الصلوات الخمس كفارة لما بينها ما اجتنبت الكبائر فعلى هذا المقيد يحمل ما أطلق في غيره فائدة قال بن بزيزة في شرح الأحكام يتوجه على حديث العلاء إشكال يصعب التخلص منه وذلك أن الصغائر بنص القرآن مكفرة باجتناب الكبائر وإذا كان كذلك فما الذي تكفره الصلوات الخمس انتهى وقد أجاب عنه شيخنا الإمام البلقيني بان السؤال غير وارد لأن مراد الله أن تجتنبوا أي في جميع العمر ومعناه الموافاة على هذه الحالة من وقت الإيمان أو التكليف إلى الموت والذي في الحديث أن الصلوات الخمس تكفر ما بينها أي في يومها إذا اجتنبت الكبائر في ذلك اليوم فعلى هذا لا تعارض بين الآية والحديث انتهى وعلى تقدير ورود السؤال فالتخلص منه بحمد الله سهل وذلك أنه لا يتم أجتناب الكبائر إلا بفعل الصلوات الخمس فمن لم يفعلها لم يعد مجتنبا للكبائر لأن تركها من الكبائر فوقف التكفير على فعلها والله أعلم وقد فصل شيخنا الإمام البلقيني أحوال الإنسان بالنسبة إلى ما يصدر منه من صغيرة وكبيرة فقال تنحصر في خمسة أحدها أن لا يصدر منه شيء البتة فهذا يعاوض برفع الدرجات ثانيها يأتي بصغائر بلا إصرار فهذا تكفر عنه جزما ثالثها مثله لكن مع الاصرار فلا تكفر إذا قلنا أن الاصرار على الصغائر كبيرة رابعها أن يأتى بكبيرة واحدة وصغائر خامسها أن يأتى بكبائر وصغائر وهذا فيه نظر يحتمل إذا لم يجتنب الكبائر أن لا تكفر الكبائر بل تكفر الصغائر ويحتمل أن لا تكفر شيئا أصلا والثاني أرجح لأن مفهوم المخالفة إذا لم تتعين جهته لا يعمل به فهنا لا تكفر شيئا إما لاختلاط الكبائر والصغائر أو لتمحض الكبائر أو تكفر الصغائر فلم تتعين جهة مفهوم المخالفة لدورانه بين الفصلين فلا يعمل به ويؤيدة أن مقتضى تجنب الكبائر أن هناك كبائر ومقتضى ما اجتنبت الكبائر أن لا كبائر فيصان الحديث عنه تنبية لم أر في شيء من طرقه عند أحد من الأئمة الستة وأحمد بلفظ ما تقول إلا عند البخاري وليس هو عند أبي داود أصلا وهو عند بن ماجة من حديث عثمان لا من حديث أبي هريرة ولفظ مسلم أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل كان يبقى من درنه شيء وعلى لفظه اقتصر عبد الحق في الجمع بين الصحيحين وكذا الحميدي ووقع في كلام بعض المتأخرين بعد أن ساقه بلفظ ما تقولون أنه في الصحيحين والسنن الأربعة وكأنه أراد أصل الحديث لكن يرد عليه أنه ليس عند أبي داود أصلا ولا بن ماجة من حديث أبي هريرة ووقع في بعض النسخ المتأخرة من البخاري بالياء التحتانية آخر الحروف من يقول فزعم بعض أهل العصر أنه غلط وأنه لا