آخر عن أيوب بن سليمان فلم يقل فيه وغيره والإسناد كله مدنيون قوله ونافع هو بالرفع عطفا على الأعرج وهو من رواية صالح بن كيسان عن نافع وقد روى بن ماجة من طريق عبد الرحمن الثقفي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر بعضه أبردوا بالظهر وروى السراج من هذا الوجه بعضه شدة الحر من فيح جهنم قوله أنهما أي أبا هريرة وبن عمر حدثاه أي حدثا من حدث صالح بن كيسان ويحتمل أن يكون ضمير أنهما يعود على الأعرج ونافع أي أن الأعرج ونافعا حدثاه أي صالح بن كيسان عن شيخيهما بذلك ووقع في رواية الإسماعيلي أنهما حدثا بغير ضمير فلا يحتاج إلى التقدير المذكور قوله إذا أشتد أصله أشتدد بوزن افتعل من الشدة ثم أدغمت إحدى الدالين في الأخرى ومفهومه أن الحر إذا لم يشتد لم يشرع الإبراد وكذا لا يشرع في البرد من باب الأولى قوله فأبردوا بقطع الهمزة وكسر الراء أي أخروا إلى أن يبرد الوقت يقال أبرد إذا دخل في البرد كأظهر إذا دخل في الظهيرة ومثله في المكان أنجد إذا دخل نجدا وأتهم إذا دخل تهامة والأمر بالإبراد أمر استحباب وقيل أمر إرشاد وقيل بل هو للوجوب حكاه عياض وغيره وغفل الكرماني فنقل الإجماع على عدم الوجوب نعم قال جمهور أهل العلم يستحب تأخير الظهر في شدة الحر إلى أن يبرد الوقت وينكسر الوهج وخصه بعضهم بالجماعة فأما المنفرد فالتعجيل في حقه أفضل وهذا قول أكثر المالكية والشافعي أيضا لكن خصه بالبلد الحار وقيد الجماعة بما إذا كانوا ينتابون مسجدا من بعد فلو كانوا مجتمعين أو كانوا يمشون في كن فالأفضل في حقهم التعجيل والمشهور عن أحمد التسوية من غير تخصيص ولا قيد وهو قول إسحاق والكوفيين وبن المنذر واستدل له الترمذي بحديث أبي ذر الآتي بعد هذا لأن في روايته أنهم كانوا في سفر وهي رواية للمصنف أيضا ستأتي قريبا قال فلو كان على ما ذهب إليه الشافعي لم يأمر بالإبراد لاجتماعهم في السفر وكانوا لا يحتاجون إلى أن ينتابوا من البعد قال الترمذي والأول أولى للإتباع وتعقبه الكرماني بأن العادة في العسكر الكثير تفرقتهم في أطراف المنزل للتخفيف وطلب الرعى فلا نسلم اجتماعهم في تلك الحالة انتهى وأيضا فلم تجر عادتهم باتخاذ خباء كبير يجمعهم بل كانوا يتفرقون في ظلال الشجر وليس هناك كن يمشون فيه فليس في سياق الحديث ما يخالف ما قاله الشافعي وغايته أنه استنبط من النص العام وهو الأمر بالإبراد معنى يخصصه وذلك جائز على الأصح في الأصول لكنه مبنى على أن العلة في ذلك تأذيهم بالحر في طريقهم وللمتمسك بعمومه أن يقول العلة فيه تأذيهم بحر الرمضاء في جباههم حالة السجود ويؤيده حديث أنس كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلّم بالظهائر سجدنا على ثيابنا اتقاء الحر رواه أبو عوانة في صحيحه بهذا اللفظ وأصله في مسلم وفي حديث أنس أيضا في الصحيحين نحوه وسيأتي قريبا والجواب عن ذلك أن العلة الأولى أظهر فإن الإبراد لا يزيل الحر عن الأرض وذهب بعضهم إلى أن تعجيل الظهر أفضل مطلقا وقالوا معنى أبردوا صلوا في أول الوقت أخذا من برد النهار وهو أوله وهو تأويل بعيد ويرده قوله فإن شدة الحر من فيح جهنم إذ التعليل بذلك يدل على أن المطلوب التأخير وحديث أبي ذر الآتي صريح في ذلك حيث قال أنتظر أنتظر والحامل لهم على ذلك حديث خباب شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا أي فلم يزل شكوانا وهو حديث صحيح رواه مسلم وتمسكوا أيضا بالأحاديث الدالة على فضيلة أول الوقت وبأن الصلاة حينئذ أكثر مشقة فتكون أفضل والجواب عن حديث خباب أنه محمول على أنهم طلبوا تأخيرا