نحوه وقال بدل قوله بالمدينة من غير خوف ولا سفر قال مالك لعله كان في مطر لكن رواه مسلم وأصحاب السنن من طريق حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير بلفظ من غير خوف ولا مطر فانتفى أن يكون الجمع المذكور للخوف أو السفر أو المطر وجوز بعض العلماء أن يكون الجمع المذكور للمرض وقواه النووي وفيه نظر لأنه لو كان جمعه صلى الله عليه وسلّم بين الصلاتين لعارض المرض لما صلى معه إلا من به نحو ذلك العذر والظاهر أنه صلى الله عليه وسلّم جمع بأصحابه وقد صرح بذلك بن عباس في روايته قال النووي ومنهم من تأوله على أنه كان في غيم فصلى الظهر ثم انكشف الغيم مثلا فبان أن وقت العصر دخل فصلاها قال وهو باطل لأنه وإن كان فيه أدنى احتمال في الظهر والعصر فلا احتمال فيه في المغرب والعشاء أه وكأن نفيه الاحتمال مبنى على أنه ليس للمغرب إلا وقت واحد والمختار عنده خلافه وهو أن وقتها يمتد إلى العشاء فعلى هذا فالاحتمال قائم قال ومنهم من تأوله على أن الجمع المذكور صورى بأن يكون أخر الظهر إلى آخر وقتها وعجل العصر في أول وقتها قال وهو احتمال ضعيف أو باطل لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل أه وهذا الذي ضعفه استحسنه القرطبي ورجحه قبله إمام الحرمين وجزم به من القدماء بن الماجشون والطحاوي وقواه بن سيد الناس بأن أبا الشعثاء وهو راوي الحديث عن بن عباس قد قال به وذلك فيما رواه الشيخان من طريق بن عيينة عن عمرو بن دينار فذكر هذا الحديث وزاد قلت يا أبا الشعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وعجل العشاء قال وأنا أظنه قال بن سيد الناس وراوي الحديث أدري بالمراد من غيره قلت لكن لم يجزم بذلك بل لم يستمر عليه فقد تقدم كلامه لأيوب وتجويزه لأن يكون الجمع بعذر المطر لكن يقوي ما ذكره من الجمع الصوري أن طرق الحديث كلها ليس فيها تعرض لوقت الجمع فأما أن تحمل على مطلقها فيستلزم إخراج الصلاة عن وقتها المحدود بغير عذر وإما أن تحمل على صفة مخصوصة لا تستلزم الإخراج ويجمع بها بين مفترق الأحاديث والجمع الصوري أولى والله أعلم وقد ذهب جماعة من الأئمة إلى الأخذ بظاهر هذا الحديث فجوزوا الجمع في الحضر للحاجة مطلقا لكن بشرط أن لا يتخذ ذلك عادة وممن قال به بن سيرين وربيعة وأشهب وبن المنذر والقفال الكبير وحكاه الخطابي عن جماعة من أصحاب الحديث واستدل لهم بما وقع عند مسلم في هذا الحديث من طريق سعيد بن جبير قال فقلت لابن عباس لم فعل ذلك قال أراد أن لا يحرج أحدا من أمته وللنسائي من طريق عمرو بن هرم عن أبي الشعثاء أن بن عباس صلى بالبصرة الأولى والعصر ليس بينهما شيء والمغرب والعشاء ليس بينهما شيء فعل ذلك من شغل وفيه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وفي رواية لمسلم من طريق عبد الله بن شقيق أن شغل بن عباس المذكور كان بالخطبة وأنه خطب بعد صلاة العصر إلى أن بدت النجوم ثم جمع بين المغرب والعشاء وفيه تصديق أبي هريرة لابن عباس في رفعه وما ذكره بن عباس من التعليل بنفى الحرج ظاهر في مطلق الجمع وقد جاء مثله عن بن مسعود مرفوعا أخرجه الطبراني ولفظه جمع رسول الله صلى الله عليه وسلّم بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء فقيل له في ذلك فقال صنعت هذا لئلا تحرج أمتي وإرادة نفى الحرج يقدح في حمله على الجمع الصوري لأن القصد إليه لا يخلو عن حرج