هذا الباب ما يقتضى اختصاص العشاء بفضيلة ظاهرة وكأنه مأخوذ من قوله ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم فعلى هذا في الترجمة حذف تقديره باب فضل انتظار العشاء والله أعلم .
541 - قوله عن عروة عند مسلم في رواية يونس عن بن شهاب أخبرني عروة قوله وذلك قبل أن يفشو الإسلام أي في غير المدينة وإنما فشا الإسلام في غيرها بعد فتح مكة قوله حتى قال عمر زاد المصنف من رواية صالح عن بن شهاب في باب النوم قبل العشاء حتى ناداه عمر الصلاة وهي بالنصب بفعل مضمر تقديره مثلا صل الصلاة وساغ هذا الحذف لدلالة السياق عليه قوله نام النساء والصبيان أي الحاضرون في المسجد وإنما خصهم بذلك لأنهم مظنة قلة الصبر عن النوم ومحل الشفقة والرحمة بخلاف الرجال وسيأتي قريبا في حديث بن عمر في هذه القصة حتى رقدنا في المسجد ثم استيقظنا ونحوه في حديث بن عباس وهو محمول على أن الذي رقد بعضهم لاكلهم ونسب الرقاد إلى الجميع مجازا وسيأتي الكلام على بقية هذا الحديث في باب النوم قبل العشاء لمن غلب .
542 - قوله عن بريد هو بالموحدة والراء بلفظ التصغير وشيخه أبو بردة هو جده قوله في بقيع بطحان بفتح الموحدة من بقيع وضمها من بطحان قوله وله بعض الشغل في بعض أمره فأعتم بالصلاة فيه دلالة على أن تأخير النبي صلى الله عليه وسلّم إلى هذه الغاية لم يكن قصدا ومثله قوله في حديث بن عمر الآتي قريبا شغل عنها ليلة وكذا قوله في حديث عائشة أعتم بالصلاة ليلة يدل على أن ذلك لم يكن من شأنه والفيصل في هذا حديث جابر كانوا إذا اجتمعوا عجل وإذا أبطئوا أخر فائدة الشغل المذكور كان في تجهيز جيش رواه الطبري من وجه صحيح عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قوله حتى أبهار الليل بالموحدة وتشديد الراء أي طلعت نجومه واشتبكت والباهر الممتلىء نورا قاله أبو سعيد الضرير وعن سيبويه أبهار الليل كثرت ظلمته وأبهار القمر كثر ضوؤه وقال الأصمعي أبهار انتصف مأخوذ من بهرة الشيء وهو وسطه ويؤيده أن في بعض الروايات حتى إذا كان قريبا من نصف الليل وهو في حديث أبي سعيد كما سيأتي وسيأتي في حديث أنس عند المصنف إلى نصف الليل وفي الصحاح أبهار الليل ذهب معظمة وأكثره وعند مسلم من رواية أم كلثوم عن عائشة حتى ذهب عامة الليل قوله على رسلكم بكسر الراء ويجوز فتحها المعنى تأنوا قوله إن من نعمة الله بكسر همز إن ووهم من ضبطه بالفتح وأما قوله أنه ليس أحد فهو بفتح أنه للتعليل واستدل بذلك على فضل تأخير صلاة العشاء ولا يعارض ذلك فضيلة أول الوقت لما في الانتظار من الفضل لكن قال بن بطال ولا يصلح ذلك الآن للأئمة لأنه صلى الله عليه وسلّم أمر بالتخفيف وقال إن فيهم الضعيف وذا الحاجة فترك التطويل عليهم في الانتظار أولى قلت وقد روى أحمد وأبو داود والنسائي وبن خزيمة وغيرهم من حديث أبي سعيد الخدرى صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم صلاة العتمة فلم يخرج حتى مضى نحو من شطر الليل فقال إن الناس قد صلوا وأخذوا مضاجعهم وإنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة ولولا ضعف الضعيف وسقم السقيم وحاجة ذي الحاجة لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل وسيأتى في حديث بن عباس قريبا لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم أن يصلوها هكذا وللترمذي وصححه من حديث أبي هريرة لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه فعلى هذا من وجد به قوه على تأخيرها ولم يغلبه النوم ولم يشق على أحد من المأمومين فالتأخير في حقه أفضل وقد قرر النووي ذلك في شرح مسلم وهو اختيار كثير من أهل الحديث من الشافعية وغيرهم والله أعلم