متوجه والروايات المطلقة لا تنافيها بل يحمل مطلقها على هذه المقيدة والذين قالوا بوجوب الجماعة على الكفاية ذهب كثير منهم إلى أن الحرج لا يسقط بأقامة الجماعة في البيوت وكذا روى عن أحمد في فرض العين ووجهوه بان أصل المشروعية إنما كان في جماعة المساجد وهو وصف معتبر لا ينبغي إلغاؤه فيختص به المسجد ويلحق به ما في معناه مما يحصل به إظهار الشعار قوله لا يخرجه إلا الصلاة أي قصد الصلاة في جماعة واللام فيها للعهد لما بيناه قوله لم يخط بفتح أوله وضم الطاء وقوله خطوة ضبطناه بضم أوله ويجوز الفتح قال الجوهري الخطوة بالضم ما بين القدمين وبالفتح المرة الواحدة وجزم اليعمري أنها هنا بالفتح وقال القرطبي إنها في روايات مسلم بالضم والله أعلم قوله فإذا صلى قال بن أبي جمرة أي صلى صلاة تامة لأنه صلى الله عليه وسلّم قال للمسيء صلاته ارجع فصل فإنك لم تصل قوله في مصلاه أي في المكان الذي أوقع فيه الصلاة من المسجد وكأنه خرج مخرج الغالب وإلا فلو قام إلى بقعة أخرى من المسجد مستمرا على نية انتظار الصلاة كان كذلك قوله اللهم ارحمه أي قائلين ذلك زاد بن ماجة اللهم تب عليه وفي الطريق الماضية في باب مسجد السوق اللهم اغفر له واستدل به على أفضلية الصلاة على غيرها من الأعمال لما ذكر من صلاة الملائكة عليه ودعائهم له بالرحمة والمغفرة والتوبة وعلى تفضيل صالحي الناس على الملائكة لأنهم يكونون في تحصيل الدرجات بعبادتهم والملائكة مشغولون بالاستغفار والدعاء لهم واستدل بأحاديث الباب على أن الجماعة ليست شرطا لصحة الصلاة لأن قوله على صلاته وحده يقتضى صحة صلاته منفردا لاقتضاء صيغة أفعل الاشتراك في أصل التفاضل فإن ذلك يقتضى وجود فضيلة في صلاة المنفرد وما لا يصح لا فضيلة فيه قال القرطبي وغيره ولا يقال إن لفظة أفعل قد ترد لاثبات صفة الفضل في إحدى الجهتين كقوله تعالى وأحسن مقيلا لأنا نقول إنما يقع ذلك على قلة حيث ترد صيغة أفعل مطلقة غير مقيدة بعدد معين فإذا قلنا هذا العدد أزيد من هذا بكذا فلا بد من وجود أصل العدد ولا يقال يحمل المنفرد على المعذور لأن قوله صلاة الفذ صيغة عموم فيشمل من صلى منفردا بعذر وبغير عذر فحمله على المعذور يحتاج إلى دليل وأيضا ففضل الجماعة حاصل للمعذور لما سيأتي في هذا الكتاب من حديث أبي موسى مرفوعا إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما وأشار بن عبد البر إلى أن بعضهم حمله على صلاة النافلة ثم رده بحديث أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة واستدل بها على تساوى الجماعات في الفضل سواء كثرت الجماعة أم قلت لأن الحديث دل على فضيلة الجماعة على المنفرد بغير واسطة فيدخل فيه كل جماعة كذا قال بعض المالكية وقواه بما روى بن أبي شيبة بإسناد صحيح عن إبراهيم النخعي قال إذا صلى الرجل مع الرجل فهما جماعة لهم التضعيف خمسا وعشرين انتهى وهو مسلم في أصل الحصول لكنه لا ينفى مزيد الفضل لما كان أكثر لا سيما مع وجود النص المصرح به وهو ما رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه بن خزيمة وغيره من حديث أبي بن كعب مرفوعا صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كثر فهو أحب إلى الله وله شاهد قوي في الطبراني من حديث قباث بن أشيم وهو بفتح القاف والموحدة وبعد الألف مثلثة وأبوه بالمعجمة بعدها تحتانية بوزن أحمر ويترتب على الخلاف المذكور أن من قال بالتفاوت استحب إعادة الجماعة مطلقا لتحصيل الأكثرية ولم يستحب ذلك الآخرون ومنهم من فصل فقال تعاد مع الأعلم أو الأورع أو في البقعة الفاضلة ووافق مالك على الأخير لكن قصره على المساجد