أن التحويل لم يقع مع كثرة الفاعلين لكن ليس في الحديث ما يدل على أن ذلك يقع ولا بد وإنما يدل على كون فاعله متعرضا لذلك وكون فعله ممكنا لأن يقع عنه ذلك الوعيد ولا يلزم من التعرض للشئ وقوع ذلك الشيء قاله بن دقيق العيد وقال بن بزيزة يحتمل أن يراد بالتحويل المسخ أو تحويل الهيئة الحسية أو المعنوية أو هما معا وحمله آخرون على ظاهره إذ لا مانع من جواز وقوع ذلك وسيأتي في كتاب الأشربة الدليل على جواز وقوع المسخ في هذه الأمة وهو حديث أبي مالك الأشعري في المغازي فإن فيه ذكر الخسف وفي آخره ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة وسيأتي مزيد لذلك في تفسير سورة الأنعام إن شاء الله تعالى ويقوى حمله على ظاهره أن في رواية بن حبان من وجه آخر عن محمد بن زياد أن يحول الله رأسه رأس كلب فهذا يبعد المجاز لانتفاء المناسبة التي ذكروها من بلادة الحمار ومما يبعده أيضا إيراد الوعيد بالأمر المستقبل وباللفظ الدال على تغيير الهيئة الحاصلة ولو أريد تشبيهه بالحمار لأجل البلادة لقال مثلا فرأسه رأس حمار وإنما قلت ذلك لأن الصفة المذكورة وهي البلادة حاصلة في فاعل ذلك عند فعله المذكور فلا يحسن أن يقال له يخشى إذا فعلت ذلك أن تصير بليدا مع أن فعله المذكور إنما نشأ عن البلادة وقال بن الجوزي في الرواية التي عبر فيها بالصورة هذه اللفظة تمنع تأويل من قال المراد رأس حمار في البلادة ولم يبين وجه المنع وفي الحديث كمال شفقته صلى الله عليه وسلّم بأمته وبيانه لهم الأحكام وما يترتب عليها من الثواب والعقاب واستدل به على جواز المقارنة ولا دلالة فيه لأنه دل بمنطوقه على منع المسابقة وبمفهومه على طلب المتابعة وأما المقارنه فمسكوت عنها وقال بن بزيزة استدل بظاهره قوم لا يعقلون على جواز التناسخ قلت وهو مذهب رديء مبنى على دعاوى بغير برهان والذي استدل بذلك منهم إنما استدل بأصل النسخ لا بخصوص هذا الحديث لطيفة قال صاحب القبس ليس للتقدم قبل الإمام سبب إلا طلب الاستعجال ودواؤه أن يستحضر أنه لا يسلم قبل الإمام فلا يستعجل في هذه الأفعال والله أعلم .
( قوله باب إمامة العبد والمولى ) .
أي العتيق قال الزين بن المنير لم يفصح بالجواز لكن لوح به لإيراده