ورجح أيضا بثبوت الواو في الصلوات والطيبات وهي تقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه فتكون كل جملة ثناء مستقلا بخلاف ما إذا حذفت فإنها تكون صفة لما قبلها وتعدد الثناء في الأول صريح فيكون أولى ولو قيل إن الواو مقدرة في الثاني ورجح بأنه ورد بصيغة الأمر بخلاف غيره فإنه مجرد حكاية ولأحمد من حديث بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم علمه التشهد وأمره أن يعلمه الناس ولم ينقل ذلك لغيره ففيه دليل على مزيته وقال الشافعي بعد أن أخرج حديث بن عباس رويت أحاديث في التشهد مختلفة وكان هذا أحب إلى لأنه أكملها وقال في موضع آخر وقد سئل عن اختياره تشهد بن عباس لما رأيته واسعا وسمعته عن بن عباس صحيحا كان عندي أجمع وأكثر لفظا من غيره وأخذت به غير معنف لمن يأخذ بغيره مما صح ورجحه بعضهم بكونه مناسبا للفظ القرآن في قوله تعالى تحية من عند الله مباركة طيبة وأما من رجحه بكون بن عباس من أحداث الصحابة فيكون أضبط لما روى أو بأنه أفقه من رواه أو يكون إسناد حديثه حجازيا وإسناد بن مسعود كوفيا وهو مما يرجح به فلا طائل فيه لمن أنصف نعم يمكن أن يقال إن الزيادة التي في حديث بن عباس وهي المباركات لا تنافى رواية بن مسعود ورجح الأخذ بها لكون أخذه عن النبي صلى الله عليه وسلّم كان في الأخير وقد أختار مالك وأصحابه تشهد عمر لكونه علمه للناس وهو على المنبر ولم ينكروه فيكون إجماعا ولفظه نحو حديث بن عباس إلا أنه قال الزاكيات بدل المباركات وكأنه بالمعنى لكن أورد على الشافعي زيادة بسم الله في أول التشهد ووقع ذاك في رواية عمر المذكورة لكن من طريق هشام بن عروة عن أبيه لا من طريق الزهري عن عروة التي أخرجها مالك أخرجه عبد الرزاق وسعيد بن منصور وغيرهما وصححه الحاكم مع كونه موقوفا وثبت في الموطأ أيضا عن بن عمر موقوفا ووقع أيضا في حديث جابر المرفوع تفرد به أيمن بن نابل بالنون ثم الموحدة عن أبي الزبير عنه وحكم الحفاظ البخاري وغيره على أنه أخطأ في إسناده وأن الصواب رواية أبي الزبير عن طاوس وغيره عن بن عباس وفي الجملة لم تصح هذه الزيادة وقد ترجم البيهقي عليها من استحب أو أباح التسمية قبل التحية وهو وجه لبعض الشافعية وضعف ويدل على عدم اعتبارها أنه ثبت في حديث أبي موسى المرفوع في التشهد وغيره فإذا قعد أحدكم فليكن أول قوله التحيات لله الحديث كذا رواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة بسنده وأخرج مسلم من طريق عبد الرزاق هذه وقد أنكر بن مسعود وبن عباس وغيرهما على من زادها أخرجه البيهقي وغيره ثم إن هذا الاختلاف إنما هو في الأفضل وكلام الشافعي المتقدم يدل على ذلك ونقل جماعة من العلماء الاتفاق على جواز التشهد بكل ما ثبت لكن كلام الطحاوي يشعر بأن بعض العلماء يقول بوجوب التشهد المروي عن عمر وذهب جماعة من محدثي الشافعية كابن المنذر إلى اختيار تشهد بن مسعود وذهب بعضهم كابن خزيمة إلى عدم الترجيح وقد تقدم الكلام عن المالكية أن التشهد مطلقا غير واجب والمعروف عند الحنفية أنه واجب لا فرض بخلاف ما يوجد عنهم في كتب مخالفيهم وقال الشافعي هو فرض لكن قال لو لم يزد رجل على قوله التحيات لله سلام عليك أيها النبي الخ كرهت ذلك له ولم أر عليه إعادة هذا لفظه في الأم وقال صاحب الروضة تبعا لاصله وأما أقل التشهد فنص الشافعي وأكثر الأصحاب إلى أنه فذكره لكنه قال وأن محمدا رسول الله قال ونقله بن كج والصيدلانى فقالا وأشهد أن محمدا رسول الله لكن أسقطا وبركاته أه وقد استشكل جواز حذف الصلوات مع ثبوتها في جميع الروايات الصحيحة وكذلك الطيبات مع جزم جماعة من الشافعية بأن المقتصر