( قوله باب فضل الجمعة ) .
أورد فيه حديث مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة من اغتسل يوم الجمعة ثم راح الحديث وإسناده مدنيون ومناسبته للترجمة من جهة ما اقتضاه الحديث من مساواة المبادر إلى الجمعة للمتقرب بالمال فكأنه جمع بين عبادتين بدنية ومالية وهذه خصوصية للجمعة لم تثبت لغيرها من الصلوات .
841 - قوله من اغتسل يدخل فيه كل من يصح التقرب منه من ذكر أو أنثى حر أو عبد قوله غسل الجنابة بالنصب على أنه نعت لمصدر محذوف أي غسلا كغسل الجنابة وهو كقوله تعالى وهي تمر مر السحاب وفي رواية بن جريج عن سمي عند عبد الرزاق فاغتسل أحدكم كما يغتسل من الجنابة وظاهره أن التشبيه للكيفية لا للحكم وهو قول الأكثر وقيل فيه إشارة إلى الجماع يوم الجمعة ليغتسل فيه من الجنابة والحكمة فيه أن تسكن نفسه في الرواح إلى الصلاة ولا تمتد عينه إلى شيء يراه وفيه حمل المرأة أيضا على الاغتسال ذلك اليوم وعليه حمل قائل ذلك حديث من غسل واغتسل المخرج في السنن على رواية من روى غسل بالتشديد قال النووي ذهب بعض أصحابنا إلى هذا وهو ضعيف أو باطل والصواب الأول انتهى وقد حكاه بن قدامة عن الإمام أحمد وثبت أيضا عن جماعة من التابعين وقال القرطبي إنه أنسب الأقوال فلا وجه لادعاء بطلانه وإن كان الأول أرجح ولعله عنى أنه باطل في المذهب قوله ثم راح زاد أصحاب الموطأ عن مالك في الساعة الأولى قوله فكأنما قرب بدنة أي تصدق بها متقربا إلى الله وقيل المراد أن للمبادر في أول ساعة نظير ما لصاحب البدنة من الثواب ممن شرع له القربان لأن القربان لم يشرع لهذه الأمة على الكيفية التي كانت للامم السالفة وفي رواية بن جريج المذكورة فله من الأجر مثل الجزور وظاهره أن المراد أن الثواب لو تجسد لكان قدر الجزور وقيل ليس المراد بالحديث إلا بيان تفاوت المبادرين إلى الجمعة وأن نسبة الثاني من الأول نسبة البقرة إلى البدنة في القيمة مثلا ويدل عليه أن في مرسل طاوس عند عبد الرزاق كفضل صاحب الجزور على صاحب البقرة ووقع في رواية الزهري الآتية في باب الاستماع إلى الخطبة بلفظ كمثل الذي يهدى بدنة فكأن المراد بالقربان في رواية الباب الإهداء إلى الكعبة قال الطيبي في لفظ الإهداء إدماج بمعنى التعظيم للجمعة وأن المبادر إليها كمن ساق الهدى