أنس أنه كان يشهد الجمعة من الزاوية وهي على فرسخين من البصرة وهذا يرد على من زعم أن الزاوية موضع بالمدينة النبوية كان فيه قصر لأنس على فرسخين منها ويرجح الاحتمال الثاني وعرف بهذا أن التعليق المذكور ملفق من أثرين ولا يعارض ذلك ما رواه عبد الرزاق عن معمر عن ثابت قال كان أنس يكون في أرضه وبينه وبين البصرة ثلاثة أميال فيشهد الجمعة بالبصرة لكون الثلاثة أميال فرسخا واحدا لأنه يجمع بأن الأرض المذكورة غير القصر وبأن أنسا كان يرى التجميع حتما إن كان على فرسخ ولا يراه حتما إذا كان أكثر من ذلك ولهذا لم يقع في رواية ثابت التخيير الذي في رواية حميد .
860 - قوله حدثنا أحمد بن صالح كذا في رواية أبي ذر ووافقه بن السكن وعند غيرهما حدثنا أحمد غير منسوب وجزم أبو نعيم في المستخرج بأنه بن عيسى والأول أصوب وفي هذا الإسناد لطيفة وهو أن فيه ثلاثة دون عبيد الله بن أبي جعفر من أهل مصر وثلاثة فوقه من أهل المدينة قوله ينتابون الجمعة أي يحضرونها نوبا والانتياب افتعال من النوبة وفي رواية يتناوبون قوله والعوالى تقدم تفسيرها في المواقيت وأنها على أربعة أميال فصاعدا من المدينة قوله فيأتون في الغبار فيصيبهم الغبار كذا وقع للأكثر وعند القابسي فيأتون في العباء بفتح المهملة والمد وهو أصوب وكذا هو عند مسلم والإسماعيلي وغيرهما من طريق بن وهب قوله إنسان منهم لم أقف علىاسمه وللاسماعيلى ناس منهم قوله لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا لو للتمنى فلا تحتاج إلى جواب أو للشرط والجواب محذوف تقديره لكان حسنا وقد وقع في حديث بن عباس عند أبي داود أن هذا كان مبدأ الأمر بالغسل للجمعة ولأبي عوانة من حديث بن عمر نحوه وصرح في آخره بأنه صلى الله عليه وسلّم قال حينئذ من جاء منكم الجمعة فليغتسل وقد استدلت به عمرة على أن غسل الجمعة شرع للتنظيف لأجل الصلاة كما سيأتي في الباب الذي بعده فعلى هذا فمعنى قوله ليومكم هذا أي في يومكم هذا وفي هذا الحديث من الفوائد أيضا رفق العالم بالمتعلم واستحباب التنظيف لمجالسة أهل الخير واجتناب أذى المسلم بكل طريق وحرص الصحابة على امتثال الأمر ولو شق عليهم وقال القرطبي فيه رد على الكوفيين حيث لم يوجبوا الجمعة على من كان خارج المصر كذا قال وفيه نظر لأنه لو كان واجبا على أهل العوالي ما تناوبوا ولكانوا يحضرون جميعا والله أعلم