فيخشى من هبوبها أن تهلك أحدا من عصاة أمته وهو كان بهم رءوفا رحيما صلى الله عليه وسلّم وأيضا فالصبا تؤلف السحاب وتجمعه فالمطر في الغالب يقع حينئذ وقد وقع في الخبر الماضي أنه كان إذا أمطرت سري عنه وذلك يقتضى أن تكون الصبا أيضا مما يقع التخوف عند هبوبها فيعكر ذلك على التخصيص المذكور والله أعلم .
988 - قوله حدثنا مسلم هو بن إبراهيم قوله بالصبا بفتح المهملة بعدها موحدة مقصورة يقال لها القبول بفتح القاف لأنها تقابل باب الكعبة إذ مهبها من مشرق الشمس وضدها الدبور وهي التي أهلكت بها قوم عاد ومن لطيف المناسبة كون القبول نصرت أهل القبول وكون الدبور أهلكت أهل الإدبار وأن الدبور أشد من الصبا لما سنذكره في قصة عاد أنها لم يخرج منها إلا قدر يسير ومع ذلك استأصلتهم قال الله تعالى فهل ترى لهم من باقية ولما علم الله رأفة نبيه صلى الله عليه وسلّم بقومه رجاء أن يسلموا سلط عليهم الصبا فكانت سبب رحيلهم عن المسلمين لما أصابهم بسببها من الشدة ومع ذلك فلم تهلك منهم أحدا ولم تستأصلهم ومن الرياح أيضا الجنوب والشمال فهذه الأربع تهب من الجهات الأربع وأي ريح هبت من بين جهتين منها يقال لها النكباء بفتح النون وسكون الكاف بعدها موحدة ومد وسيأتي الكلام على بقية فوائد هذا الحديث في بدء الخلق إن شاء الله تعالى .
( قوله باب ما قيل في الزلازل والآيات قيل لما كان هبوب الريح الشديدة يوجب التخوف المفضى إلى الخشوع والإنابة كانت ) .
الزلزلة ونحوها من الآيات أولى بذلك لا سيما وقد نص في الخبر على أن أكثر الزلازل من أشراط الساعة وقال الزين بن المنير وجه إدخال هذه الترجمة في أبواب الاستسقاء أن وجود الزلزلة ونحوها يقع غالبا مع نزول المطر وقد تقدم لنزول المطر دعاء يخصه فأراد المصنف أن يبين أنه لم يثبت على شرطه في القول عند الزلازل ونحوها شيء وهل يصلي عند وجودها حكى بن المنذر فيه الاختلاف وبه قال أحمد وإسحاق وجماعة وعلق الشافعي القول به على صحة الحديث عن على وصح ذلك عن بن عباس أخرجه عبد الرزاق وغيره وروى بن حبان في صحيحه من طريق عبيد بن عمير عن عائشة مرفوعا صلاة الآيات ست ركعات وأربع سجدات ثم أورد المصنف في هذا الباب حديثين أحدهما حديث أبي هريرة من طريق أبي الزناد عن عبد الرحمن وهو بن هرمز الأعرج عنه مرفوعا لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل الحديث وسيأتي الكلام عليه مستوفى