هذه الصلاة في الأوقات المكروهة لعموم قوله في كل ساعة وتعقب بان الأخذ بعمومه ليس باولى من الأخذ بعموم النهي وتعقبه بن التين بأنه ليس فيه ما يقتضي الفوريه فيحمل على تأخير الصلاة قليلا ليخرج وقت الكراهة أو أنه كان يؤخر الطهور إلى آخر وقت الكراهة لتقع صلاته في غير وقت الكراهة لكن عند الترمذي وبن خزيمة من حديث بريده في نحو هذه القصه ما اصابني حدث قط الا توضأت عندها ولأحمد من حديثه ما أحدثت الا توضأت وصليت ركعتين فدل على أنه كان يعقب الحدث بالوضوء والوضوء بالصلاة في أي وقت كان وقال الكرماني ظاهر الحديث أن السماع المذكور وقع في النوم لأن الجنة لا يدخلها أحد إلا بعد الموت ويحتمل ان يكون في اليقظة لان النبي صلى الله عليه وسلّم دخلها ليلة المعراج واما بلال فلا يلزم من هذه القصة انه دخلها لأن قوله في الجنة ظرف للسماع ويكون الدف بين يديه خارجا عنها انتهى ولا يخفى بعد هذا الاحتمال لأن السياق مشعر بإثبات فضيلة بلال لكونه جعل السبب الذي بلغه إلى ذلك ما ذكره من ملازمة التطهر والصلاة وإنما ثبتت له الفضيلة بان يكون رؤى داخل الجنة لا خارجا عنها وقد وقع في حديث بريده المذكور يا بلال بم سبقتني إلى الجنة وهذا ظاهر في كونه رآه داخل الجنة ويؤيد كونه وقع في المنام ما سيأتي في أول مناقب عمر من حديث جابر مرفوعا رأيتني دخلت الجنة فسمعت خشفة فقيل هذا بلال ورأيت قصرا بفنائه جاريه فقيل هذا لعمر الحديث وبعده من حديث أبي هريرة مرفوعا بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضا إلى جانب قصر فقيل هذا لعمر الحديث فعرف أن ذلك وقع في المنام وثبتت الفضيلة بذلك لبلال لأن رؤيا الأنبياء وحي ولذلك جزم النبي صلى الله عليه وسلّم له بذلك ومشيه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلّم كان من عادته في اليقظه فاتفق مثله في المنام ولا يلزم من ذلك دخول بلال الجنة قبل النبي صلى الله عليه وسلّم لأنه في مقام التابع وكأنه أشار صلى الله عليه وسلّم إلى بقاء بلال على ما كان عليه في حال حياته واستمراره على قرب منزلته وفيه منقبه عظيمة لبلال وفي الحديث استحباب ادامة الطهارة ومناسبة المجازاة على ذلك بدخول الجنة لأن من لازم الدوام على الطهارة أن يبيت المرء طاهرا ومن بات طاهرا عرجت روحه فسجدت تحت العرش كما رواه البيهقي في الشعب من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص والعرش سقف الجنة كما سيأتي في هذا الكتاب وزاد بريده في آخر حديثه فقال النبي صلى الله عليه وسلّم بهذا وظاهره أن هذا الثواب وقع بسبب ذلك العمل ولا معارضه بينه وبين قوله صلى الله عليه وسلّم لا يدخل أحدكم الجنة عمله لأن أحد الاجوبه المشهوره بالجمع بينه وبين قوله تعالى ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون أن أصل الدخول إنما يقع برحمة الله واقتسام الدرجات بحسب الأعمال فيأتي مثله في هذا وفيه أن الجنة موجودة الآن خلافا لمن أنكر ذلك من المعتزلة تنبيه قول الكرماني لا يدخل أحد الجنة إلا بعد موته مع قوله أن النبي صلى الله عليه وسلّم دخلها ليلة المعراج وكان المعراج في اليقظة على الصحيح ظاهرهما التناقض ويمكن حمل النفي إن كان ثابتا على غير الأنبياء أو يخص في الدنيا بمن خرج عن عالم الدنيا ودخل في عالم الملكوت وهو قريب مما أجاب به السهيلي عن استعمال طست الذهب ليلة المعراج