من طريق خارجة بن زيد بن ثابت عن عمه يزيد بن ثابت قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم فطلعت جنازة فلما رآها قام وقام اصحابه حتى بعدت والله ما أدري من شانها أو من تضايق المكان وما سألناه عن قيامه ومقتضى التعليل بقوله اليست نفسا أن ذلك يستحب لكل جنازة وإنما اقتصر في الترجمة على اليهودي وقوفا مع لفظ الحديث وقد اختلف أهل العلم في أصل المسألة فذهب الشافعي إلى أنه غير واجب فقال هذا أما أن يكون منسوخا أو يكون قام لعلة وايهما كان فقد ثبت أنه تركه بعد فعله والحجة في الآخر من أمره والقعود أحب إلى انتهى وأشار بالترك إلى حديث علي أنه صلى الله عليه وسلّم قام للجنازة ثم قعد أخرجه مسلم قال البيضاوي يحتمل قول على ثم قعد أي بعد أن جاوزته وبعدت عنه ويحتمل أن يريد كان يقوم في وقت ثم ترك القيام أصلا وعلى هذا يكون فعله الأخير قرينة في أن المراد بالأمر الوارد في ذلك الندب ويحتمل أن يكون نسخا للوجوب المستفاد من ظاهر الأمر والأول أرجح لأن احتمال المجاز يعني في الأمر أولي من دعوى النسخ انتهى والاحتمال الأول يدفعه ما رواه البيهقي من حديث على أنه أشار إلى قوم قاموا أن يجلسوا ثم حدثهم الحديث ومن ثم قال بكراهة القيام جماعة منهم سليم الرازي وغيره من الشافعية وقال بن حزم قعوده صلى الله عليه وسلّم بعد أمره بالقيام يدل على أن الأمر للندب ولا يجوز أن يكون نسخا لأن النسخ لا يكون الا بنهي أو بترك معه نهي انتهى وقد ورد معنى النهى من حديث عبادة قال كان النبي صلى الله عليه وسلّم يقوم للجنازة فمر به حبر من اليهود فقال هكذا نفعل فقال اجلسوا وخالفوهم أخرجه أحمد وأصحاب السنن الا النسائي فلو لم يكن إسناده ضعيفا لكان حجة في النسخ وقال عياض ذهب جمع من السلف إلى أن الأمر بالقيام منسوخ بحديث علي وتعقبه النووي بان النسخ لا يصار إليه الا إذا تعذر الجمع وهو هنا ممكن قال والمختار أنه مستحب وبه قال المتولى انتهى وقول صاحب المهذب هو على التخيير كأنه ماخوذ من قول الشافعي المتقدم لما تقتضيه صيغة أفعل من الاشتراك ولكن القعود عنده أولي وعكسه قول بن حبيب وبن الماجشون من المالكية كان قعوده صلى الله عليه وسلّم لبيان الجواز فمن جلس فهو في سعة ومن قام فله أجر واستدل بحديث الباب على جواز إخراج جنائز أهل الذمة نهارا غير متميزة عن جنائز المسلمين أشار إلى ذلك الزين بن المنير قال وإلزامهم بمخالفة رسوم المسلمين وقع اجتهادا من الأئمة ويمكن أن يقال إذا ثبت النسخ للقيام تبعه ما عداه فيحمل على أن ذلك كان عند مشروعية القيام فلما ترك القيام منع من الاظهار قوله وقال أبو حمزة هو السكري وعمرو هو بن مرة المذكور في الإسناد الذي قبله وقد وصله أبو نعيم في المستخرج من طريق عبدان عن أبي حمزة ولفظه نحو حديث شعبة الا أنه قال في روايته فمرت عليهما جنازة فقاما ولم يقل فيه بالقادسية وأراد المصنف بهذا التعليق بيان سماع عبد الرحمن بن أبي ليلى لهذا الحديث من سهل وقيس قوله وقال زكريا هو بن أبي زائدة وطريقه هذه موصولة عند سعيد بن منصور عن سفيان بن عيينة عنه وأبو مسعود المذكور فيها هو البدري ويجمع بين ما وقع فيه من الاختلاف بان عبد الرحمن بن أبي ليلى ذكر قيسا وسهلا مفردين لكونهما رفعا له الحديث وذكره مرة أخرى عن قيس وأبي مسعود لكون أبي مسعود لم يرفعه والله أعلم