العدو لا تقبل وفي الحديث فضيلة هذه الأمة واعمال الحكم بالظاهر ونقل الطيبي عن بعض شراح المصابيح قال ليس معنى قوله أنتم شهداء الله في الأرض أن الذي يقولونه في حق شخص يكون كذلك حتى يصير من يستحق الجنة من أهل النار بقولهم ولا العكس بل معناه أن الذي اثنوا عليه خيرا رأوه منه كان ذلك علامة كونه من أهل الجنة وبالعكس وتعقبه الطيبي بان قوله وجبت بعد الثناء حكم عقب وصفا مناسبا فاشعر بالعلية وكذا قوله أنتم شهداء الله في الأرض لأن الإضافة فيه للتشريف لأنهم بمنزلة عالية عند الله فهو كالتزكية للأمة بعد أداء شهادتهم فينبغي أن يكون لها أثر قال وإلى هذا يومئ قوله تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا الآية قلت وقد استشهد محمد بن كعب القرظي لما روى عن جابر نحو حديث أنس بهذه الآية أخرجه الحاكم وقد وقع ذلك في حديث مرفوع غيره عند بن أبي حاتم في التفسير وفيه أن الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلّم ما قولك وجبت هو أبي بن كعب وقال النووي قال بعضهم معنى الحديث أن الثناء بالخير لمن أثنى عليه أهل الفضل وكان ذلك مطابقا للواقع فهو من أهل الجنة فإن كان غير مطابق فلا وكذا عكسه قال والصحيح أنه على عمومه وأن من مات منهم فألهم الله تعالى الناس الثناء عليه بخير كان دليلا على أنه من أهل الجنة سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك أم لا فإن الأعمال داخلة تحت المشيئة وهذا إلهام يستدل به على تعيينها وبهذا تظهر فائدة الثناء انتهى وهذا في جانب الخير واضح ويؤيده ما رواه أحمد وبن حبان والحاكم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس مرفوعا ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة من جيرانه الأدنين أنهم لا يعلمون منه الا خيرا الا قال الله تعالى قد قبلت قولكم وغفرت له ما لا تعلمون ولأحمد من حديث أبي هريرة نحوه وقال ثلاثة بدل أربعة وفي إسناده من لم يسم وله شاهد من مراسيل بشير بن كعب أخرجه أبو مسلم الكجي وأما جانب الشر فظاهر الأحاديث أنه كذلك لكن إنما يقع ذلك في حق من غلب شره على خيره وقد وقع في رواية النضر المشار إليها أولا في آخر حديث أنس إن لله ملائكة تنطق على ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير والشر واستدل به على جواز ذكر المرء بما فيه من خير أو شر للحاجة ولا يكون ذلك من الغيبة وسيأتي البحث عن ذلك في باب النهي عن سب الأموات آخر الجنائز وهو أصل في قبول الشهادة بالاستفاضة وأن أقل أصلها اثنان وقال بن العربي فيه جواز الشهادة قبل الاستشهاد وقبولها قبل الاستفصال وفيه استعمال الثناء في الشر للمؤاخاة والمشاكلة وحقيقته إنما هي في الخير والله أعلم