تلتفت إليه ومنها أن الأخذ مع سخاوة النفس يحصل أجر الزهد والبركة في الرزق فتبين أن الزهد يحصل خيري الدنيا والآخرة وفيه ضرب المثل لما لا يعقله السامع من الأمثلة لأن الغالب من الناس لا يعرف البركة إلا في الشيء الكثير فبين بالمثال المذكور أن البركة هي خلق من خلق الله تعالى وضرب لهم المثل بما يعهدون فالأكل إنما يأكل ليشبع فإذا أكل ولم يشبع كان عناء في حقه بغير فائدة وكذلك المال ليست الفائدة في عينه وإنما هي لما يتحصل به من المنافع فإذا كثر عند المرء بغير تحصيل منفعة كان وجوده كالعدم وفيه أنه ينبغي للإمام أن لا يبين للطالب ما في مسألته من المفسدة إلا بعد قضاء حاجته لتقع موعظته له الموقع لئلا يتخيل أن ذلك سبب لمنعه من حاجته وفيه جواز تكرار السؤال ثلاثا وجواز المنع في الرابعة والله أعلم وفي الحديث أيضا أن سؤال الإعلى ليس بعار وأن رد السائل بعد ثلاث ليس بمكروه وأن الإجمال في الطلب مقرون بالبركة وقد زاد إسحاق بن راهويه في مسنده من طريق معمر عن الزهري في آخره فمات حين مات وإنه لمن أكثر قريش مالا وفيه أيضا سبب ذلك وهو أن النبي صلى الله عليه وسلّم أعطى حكيم بن حزام دون ما أعطى أصحابه فقال حكيم يا رسول الله ما كنت أظن أن تقصر بي دون أحد من الناس فزاده ثم استزاده حتى رضي فذكر نحو الحديث .
( قوله باب من أعطاه الله شيئا من غير مسألة ولا إشراف نفس وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ) .
في رواية المستملي تقديم الآية وسقطت للأكثر ومطابقتها لحديث الباب من جهة دلالتها على مدح من يعطي السائل وغير السائل وإذا كان المعطي ممدوحا فعطيته مقبولة وآخذها غير ملوم وقد اختلف أهل العلم بالتفسير في المراد بالمحروم فروى الطبري من طريق بن شهاب أنه المتعفف الذي لا يسأل وأخرجه بن أبي حاتم من وجه آخر عن بن شهاب أنه بلغه فذكر مثله وأخرجه الطبري عن قتادة مثله وأخرج فيه أقوالا أخر وعلى التفسير المذكور تنطبق الترجمة والإشراف بالمعجمة التعرض للشيء والحرص عليه من قولهم أشرف على كذا إذا تطاول له وقيل للمكان المرتفع شرف لذلك وتقدير جواب الشرط فليقبل أي من أعطاه الله مع انتفاء القيدين المذكورين فليقبل وإنما حذفه للعلم به وأوردها بلفظ العموم وإن كان الخبر ورد في الإعطاء من بيت المال لأن الصدقة للفقير في معنى العطاء للغني إذا انتفى الشرطان قال أبو داود سألت أحمد عن إشراف النفس فقال بالقلب وقال يعقوب بن محمد سألت أحمد عنه فقال هو أن يقول مع نفسه يبعث إلي فلان بكذا وقال الأثرم يضيق عليه أن يرده إذا كان كذلك قوله فأقول أعطه من هو أفقر إليه مني زاد في رواية شعيب عن الزهري الآتيه في الأحكام حتى أعطاني مرة مالا فقلت أعطه من هو أفقر إليه مني فقال خذه فتموله وتصدق به وذكر