إذا أراد أن يحرم يتطيب بأطيب ما يجد ثم أراه في رأسه ولحيته بعد ذلك وللنسائي وبن حبان رأيت الطيب في مفرقه بعد ثلاث وهو محرم وقال بعضهم إن الوبيص كان بقايا الدهن المطيب الذي تطيب به فزال وبقي أثره من غير رائحة ويرده قول عائشة ينضح طيبا وقال بعضهم بقي أثره لا عينه قال بن العربي ليس في شيء من طرق حديث عائشة أن عينه بقيت انتهى وقد روى أبو داود وبن أبي شيبة من طريق عائشة بنت طلحة عن عائشة قالت كنا نضمخ وجوهنا بالمسك المطيب قبل أن نحرم ثم نحرم فنعرق فيسيل على وجوهنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلا ينهانا فهذا صريح في بقاء عين الطيب ولا يقال إن ذلك خاص بالنساء لأنهم أجمعوا على أن الرجال والنساء سواء في تحريم استعمال الطيب إذا كانوا محرمين وقال بعضهم كان ذلك طيبا لا رائحة له تمسكا برواية الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة بطيب لا يشبه طيبكم قال بعض رواته يعني لا بقاء له أخرجه النسائي ويرد هذا التأويل ما في الذي قبله ولمسلم من رواية منصور بن زاذان عن عبد الرحمن بن القاسم بطيب فيه مسك وله من طريق الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم كأني انظر إلى وبيص المسك وللشيخين من طريق عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه بأطيب ما أجد وللطحاوي والدارقطني من طريق نافع عن بن عمر عن عائشة بالغالية الجيدة وهذا يدل على أن قولها بطيب لا يشبه طيبكم أي أطيب منه لا كما فهمه القائل يعني ليس له بقاء وادعى بعضهم أن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلّم قاله المهلب وأبو الحسن القصار وأبو الفرج من المالكية قال بعضهم لأن الطيب من دواعي النكاح فنهى الناس عنه وكان هو أملك الناس لأربه ففعله ورجحه بن العربي بكثرة ما ثبت له من الخصائص في النكاح وقد ثبت عنه أنه قال حبب إلي النساء والطيب أخرجه النسائي من حديث أنس وتعقب بأن الخصائص لا تثبت بالقياس وقال المهلب إنما خص بذلك لمباشرته الملائكة لأجل الوحي وتعقب بأنه فرع ثبوت الخصوصية وكيف بها ويردها حديث عائشة بنت طلحة المتقدم وروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن عائشة قالت طيبت أبي بالمسك لإحرامه حين أحرم وبقولها طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلّم بيدي هاتين أخرجه الشيخان من طريق عمر بن عبد الله بن عروة عن جده عنها وسيأتي من طريق سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم بلفظ وأشارت بيديها واعتذر بعض المالكية بأن عمل أهل المدينة على خلافه وتعقب بما رواه النسائي من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن سليمان بن عبد الملك لما حج جمع ناسا من أهل العلم منهم القاسم بن محمد وخارجة بن زيد وسالم وعبد الله ابنا عبد الله بن عمر وعمر بن عبد العزيز وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث فسألهم عن التطيب قبل الإفاضة فكلهم أمر به فهؤلاء فقهاء أهل المدينة من التابعين قد اتفقوا على ذلك فكيف يدعى مع ذلك العمل على خلافه قوله ولحله قبل أن يطوف بالبيت أي لأجل إحلاله من إحرامه قبل أن يطوف طواف الإفاضة وسيأتي في اللباس من طريق يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم بلفظ قبل أن يفيض وللنسائي من هذا الوجه وحين يريد أن يزور البيت ولمسلم نحوه من طريق عمرة عن عائشة وللنسائي من طريق بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة ولحله بعد ما يرمي جمرة العقبة قبل أن يطوف بالبيت واستدل به على حل الطيب وغيره من محرمات الإحرام بعد رمي جمرة العقبة ويستمر امتناع الجماع ومتعلقاته على الطواف بالبيت وهو دال على أن للحج تحللين فمن قال أن الحلق نسك كما هو قول الجمهور وهو الصحيح عند الشافعية يوقف استعمال الطيب وغيره من المحرمات المذكورة عليه ويؤخذ ذلك