مما يليق قاله على انفراده حتى لا يختلط بالمرفوع وهو شبيه بحال الدعاء في التشهد فإنه قال فيه ثم ليتخير من المسألة والثناء ما شاء أي بعد أن يفرغ من المرفوع كما تقدم ذلك في موضعه تكميل لم يتعرض المصنف لحكم التلبية وفيها مذاهب أربعة يمكن توصيلها إلى عشرة الأول أنها سنة من السنن لا يجب بتركها شيء وهو قول الشافعي وأحمد ثانيها واجبة ويجب بتركها دم حكاه الماوردي عن بن أبي هريرة من الشافعية وقال إنه وجد للشافعي نصا يدل عليه وحكاه بن قدامة عن بعض المالكية والخطابي عن مالك وأبي حنيفة وأغرب النووي فحكى عن مالك أنها سنة ويجب بتركها دم ولا يعرف ذلك عندهم إلا أن بن الجلاب قال التلبية في الحج مسنونة غير مفروضة وقال بن التين يريد أنها ليست من أركان الحج وإلا فهي واجبة ولذلك يجب بتركها الدم ولو لم تكن واجبة لم يجب وحكى بن العربي أنه يجب عندهم بترك تكرارها دم وهذا قدر زائد على أصل الوجوب ثالثها واجبة لكن يقوم مقامها فعل يتعلق بالحج كالتوجه على الطريق وبهذا صدر بن شاس من المالكية كلامه في الجواهر له وحكى صاحب الهداية من الحنفية مثله لكن زاد القول الذي يقوم مقام التلبية من الذكر كما في مذهبهم من أنه لا يجب لفظ معين وقال بن المنذر قال أصحاب الرأي إن كبر أو هلل أو سبح ينوي بذلك الإحرام فهو محرم رابعها أنها ركن في الإحرام لا ينعقد بدونها حكاه بن عبد البر عن الثوري وأبي حنيفة وبن حبيب من المالكية والزبيري من الشافعية وأهل الظاهر قالوا هي نظير تكبيرة الإحرام للصلاة ويقويه ما تقدم من بحث بن عبد السلام عن حقيقة الإحرام وهو قول عطاء أخرجه سعيد بن منصور بإسناد صحيح عنه قال التلبية فرض الحج وحكاه بن المنذر عن بن عمر وطاوس وعكرمة وحكى النووي عن داود أنه لا بد من رفع الصوت بها وهذا قدر زائد على أصل كونها ركنا قوله عن أبي عطية هو مالك بن عامر وسيأتي الخلاف في اسمه في تفسير سورة البقرة ورجال هذا الإسناد إلى عائشة كوفيون إلا شيخ البخاري وأردف المصنف حديث بن عمر بحديث عائشة لما فيه من الدلالة على أنه كان يديم ذلك وقد تقدم أن في حديث جابر عند مسلم التصريح بالمداومة قوله تابعه أبو معاوية يعني تابع سفيان وهو الثوري عن الأعمش وروايته وصلها مسدد في مسنده عنه وكذلك أخرجها الجوزقي من طريق عبد الله بن هشام عنه قوله وقال شعبة الخ وصله أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة ولفظه مثل لفظ سفيان إلا أنه زاد فيه ثم سمعتها تلبي وليس فيه قوله لا شريك لك وهذا أخرجه أحمد عن غندر عن شعبة وسليمان شيخ شعبة فيه هو الأعمش والطريقان جميعا محفوظان وهو محمول على أن للأعمش فيه شيخين ورجح أبو حاتم في العلل رواية الثوري ومن تبعه على رواية شعبة فقال أنها وهم وخيثمة هو بن عبد الرحمن الجعفي وأفادت هذه الطريق بيان سماع أبي عطية له من عائشة والله أعلم