قال العلماء سبب ترك دخوله ما كان في البيت من الأصنام والصور ولم يكن المشركون يتركونه ليغيرها فلما كان في الفتح أمر بإزالة الصور ثم دخلها يعني كما في حديث بن عباس الذي بعده انتهى ويحتمل أن يكون دخول البيت لم يقع في الشرط فلو أراد دخوله لمنعوه كما منعوه من الإقامة بمكة زيادة على الثلاث فلم يقصد دخوله لئلا يمنعوه وفي السيرة عن علي أنه دخلها قبل الهجرة فأزال شيئا من الأصنام وفي الطبقات عن عثمان بن طلحة نحو ذلك فإن ثبت ذلك لم يشكل على الوجه الأول لأن ذلك الدخول كان لإزالة شيء من المنكرات لا لقصد العبادة والازالة في الهدنة كانت غير ممكنة بخلاف يوم الفتح تنبيه استدل المحب الطبري به على أنه صلى الله عليه وسلّم دخل الكعبة في حجته وفي فتح مكة ولا دلالة فيه على ذلك لأنه لا يلزم من نفي كونه دخلها في عمرته أنه دخلها في جميع أسفاره والله أعلم .
( قوله باب من كبر في نواحي الكعبة ) .
أورد فيه حديث بن عباس أنه صلى الله عليه وسلّم كبر في البيت ولم يصل فيه وصححه المصنف واحتج به مع كونه يرى تقديم حديث بلال في إثباته الصلاة فيه عليه ولا معارضة في ذلك بالنسبة إلى الترجمة لأن بن عباس أثبت التكبير ولم يتعرض له بلال وبلال أثبت الصلاة ونفاها بن عباس فاحتج المصنف بزيادة بن عباس وقد يقدم اثبات بلال على نفي غيره لأمرين أحدهما أنه لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلّم يومئذ وإنما أسند نفيه تارة لأسامة وتارة لأخيه الفضل مع أنه لم يثبت أن الفضل كان معهم إلا في رواية شاذة وقد روى أحمد من طريق بن عباس عن أخيه الفضل نفي الصلاة فيها فيحتمل أن يكون تلقاه عن أسامة فإنه كان معه كما تقدم وقد مضى في كتاب الصلاة أن بن عباس روى عنه نفي الصلاة فيها عند مسلم وقد وقع اثبات صلاته فيها عن أسامة من رواية بن عمر عن أسامة عند أحمد وغيره فتعارضت الرواية في ذلك عنه فتترجح رواية بلال من جهة أنه مثبت وغيره ناف ومن جهة أنه لم يختلف عليه في الإثبات واختلف على من نفى وقال النووي وغيره يجمع بين اثبات بلال ونفي أسامة بأنهم لما دخلوا الكعبة اشتغلوا بالدعاء فرأى أسامة النبي صلى الله عليه وسلّم يدعو فاشتغل أسامة بالدعاء في ناحية والنبي صلى الله عليه وسلّم في ناحية ثم صلى النبي صلى الله عليه وسلّم فرآه بلال لقربه منه ولم يره أسامة لبعده واشتغاله ولأن بإغلاق الباب تكون الظلمة مع احتمال أن يحجبه عنه بعض الأعمدة فنفاها عملا بظنه وقال المحب الطبري يحتمل أن يكون أسامة غاب عنه بعد دخوله لحاجة فلم يشهد صلاته انتهى ويشهد له ما رواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن بن أبي ذئب عن عبد الرحمن بن مهران عن عمير مولى بن عباس عن أسامة قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلّم في الكعبة فرأى صورا فدعا بدلو من ماء فأتيته به فضرب به الصور فهذا الإسناد جيد قال القرطبي فلعله إستصحب النفي لسرعة