وأحبوا لو إني أبصرته هكذا في جميع الطرق والروايات ووقع في رواية العذري في مسلم فجعل بعضهم يضحك إلى فشددت الياء من إلى قال عياض وهو خطأ وتصحيف وإنما سقط عليه لفظة بعض ثم احتج لضعفها بأنهم لو ضحكوا إليه لكانت أكبر إشارة وقد قال لهم النبي صلى الله عليه وسلّم هل منكم أحد أمره أو أشار إليه قالوا لا وإذا دل المحرم الحلال على الصيد لم يأكل منه اتفاقا وإنما اختلفوا في وجوب الجزاء انتهى وتعقبه النووي بأنه لا يمكن رد هذه الرواية لصحتها وصحة الرواية الأخرى وليس في واحدة منهما دلالة ولا إشارة فإن مجرد الضحك ليس فيه إشارة قال بعض العلماء وإنما ضحكوا تعجبا من عروض الصيد لهم ولا قدرة لهم عليه قلت قوله فإن مجرد الضحك ليس فيه إشارة صحيح ولكن لا يكفي في رد دعوى القاضي فإن قوله يضحك بعضهم إلى بعض هو مجرد ضحك وقوله يضحك بعضهم إلى فيه مزيد أمر على مجرد الضحك والفرق بين الموضعين إنهم اشتركوا في رؤيته فاستووا في ضحك بعضهم إلى بعض وأبو قتادة لم يكن رآه فيكون ضحك بعضهم إليه بغير سبب باعثا له على التفطن إلى رؤيته ويؤيد ما قال القاضي ما وقع في رواية أبي النضر عن مولى أبي قتادة كما سيأتي في الصيد بلفظ إذ رأيت الناس متشوفين لشيء فذهبت انظر فإذا هو حمار وحش فقلت ما هذا فقالوا لا ندري فقلت هو حمار وحش فقالوا هو ما رأيت ووقع في حديث أبي سعيد عند البزار والطحاوي وبن حبان في هذه القصة وجاء أبو قتادة وهو حل فنكسوا رؤوسهم كراهية أن يحدوا أبصارهم له فيفطن فيراه أه فكيف يظن بهم مع ذلك إنهم ضحكوا إليه فتبين أن الصواب ما قال القاضي وفي قول الشيخ قد صحت الرواية نظر لأن الاختلاف في اثبات هذه اللفظة وحذفها لم يقع في طريقين مختلفين وإنما وقع في سياق إسناد واحد مما عند مسلم فكان مع من أثبت لفظ بعض زيادة علم سالمة من الاشكال فهي مقدمة وبين محمد بن جعفر في روايته عن أبي حازم عن عبد الله بن أبي قتادة كما سيأتي في الهبة أن قصة صيده للحمار كانت بعد أن اجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلّم وأصحابه ونزلوا في بعض المنازل ولفظه كنت يوما جالسا مع رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم في منزل في طريق مكة ورسول الله صلى الله عليه وسلّم نازل أمامنا والقوم محرمون وأنا غير محرم وبين في هذه الرواية السبب الموجب لرؤيتهم إياه دون أبي قتادة بقوله فأبصروا حمارا وحشيا وأنا مشغول اخصف نعلى فلم يؤذنونى به وأحبوا لو أني أبصرته والتفت فأبصرته ووقع في حديث أبي سعيد المذكور أن ذلك وقع وهم بعسفان وفيه نظر والصحيح ما سيأتي بعد باب من طريق صالح بن كيسان عن أبي محمد مولى أبي قتادة عنه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلّم بالقاحة ومنا المحرم وغير محرم فرأيت أصحابي يتراءون شيئا فنظرت فإذا حمار وحش الحديث والقاحة بقاف ومهملة خفيفة بعد الألف موضع قريب من السقيا كما سيأتي قوله فنظرت هذا فيه التفات فان السياق الماضي يقتضي أن يقول فنظر لقوله فبينا أبي مع أصحابه فالتقدير قال أبي فنظرت وهذا يؤيد الرواية الموصولة قوله فإذا أنا بحمار وحش قد تقدم أن رؤيته له كانت متاخرة عن رؤية أصحابه وصرح بذلك فضيل بن سليمان في روايته عن أبي حازم كما سيأتي في الجهاد ولفظه فرأوا حمارا وحشيا قبل أن يراه أبو قتادة فلما رأوه تركوه حتى رآه فركب قوله فحملت عليه في رواية محمد بن جعفر فقمت إلى الفرس فاسرجته ثم ركبت ونسيت السوط والرمح فقلت لهم ناولوني السوط والرمح فقالوا لا والله لا نعينك عليه بشيء فغضبت فنزلت فاخذتهما ثم ركبت وفي رواية فضيل بن سليمان فركب فرسا له يقال له الجرادة فسألهم أن يناولوه سوطه فأبوا فتناوله وفي رواية أبي النضر وكنت نسيت سوطي فقلت لهم ناولوني