بأنهم لا يعتقدون الهية الكواكب وإنما يعتقدون أنها فعالة بانفسها وهذا الجواب عندي ليس بطائل لأنهم طائفتان إحداهما كانت تعتقد الهية الكواكب وهم من كان قبل ظهور الإسلام واستمر منهم من استمر على كفره والأخرى من دخل منهم في الإسلام واستمر على تعظيم الكواكب وهم الذين اشير إليهم تاسعها أن جميع العبادات توفي منها مظالم العباد الا الصيام روى ذلك البيهقي من طريق إسحاق بن أيوب بن حسان الواسطي عن أبيه عن بن عيينة قال إذا كان يوم القيامة يحاسب الله عبده ويؤدى ما عليه من المظالم من عمله حتى لا يبقى له الا الصوم فيتحمل الله ما بقي عليه من المظالم ويدخله بالصوم الجنة قال القرطبي قد كنت استحسنت هذا الجواب إلى أن فكرت في حديث المقاصة فوجدت فيه ذكر الصوم في جملة الأعمال حيث قال المفلس الذي يأتي يوم القيامة بصلاة وصدقة وصيام ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وأكل مال هذا الحديث وفيه فيؤخذ لهذا من حسناته ولهذا من حسناته فإذا فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار فظاهره أن الصيام مشترك مع بقية الأعمال في ذلك قلت أن ثبت قول بن عيينة أمكن تخصيص الصيام من ذلك فقد يستدل له بما رواه أحمد من طريق حماد بن سلمة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة رفعه كل العمل كفارة الا الصوم الصوم لي وأنا أجزى به وكذا رواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة عن محمد بن زياد ولفظه قال ربكم تبارك وتعالى كل العمل كفارة الا الصوم ورواه قاسم بن أصبغ من طريق أخرى عن شعبة بلفظ كل ما يعمله بن آدم كفارة له الا الصوم وقد أخرجه المصنف في التوحيد عن آدم عن شعبة بلفظ يرويه عن ربكم قال لكل عمل كفارة والصوم لي وأنا أجزى به فحذف الاستثناء وكذا رواه أحمد عن غندر عن شعبة لكن قال كل العمل كفارة وهذا يخالف رواية آدم لأن معناها أن لكل عمل من المعاصي كفارة من الطاعات ومعنى رواية غندر كل عمل من الطاعات كفارة للمعاصى وقد بين الإسماعيلي الاختلاف فيه في ذلك على شعبة وأخرجه من طريق غندر بذكر الاستثناء فاختلف فيه أيضا على غندر والاستثناء المذكور يشهد لما ذهب إليه بن عيينة لكنه وأن كان صحيح السند فإنه يعارضه حديث حذيفة فتنة الرجل في أهله وماله وولده يكفرها الصلاة والصيام والصدقة ولعل هذا هو السر في تعقيب البخاري لحديث الباب بباب الصوم كفارة وأورد فيه حديث حذيفة وسأذكر وجه الجمع بينهما في الكلام على الباب الذي يليه أن شاء الله تعالى عاشرها أن الصوم لا يظهر فتكتبه الحفظه كما تكتب سائر الأعمال واستند قائله إلى حديث واه جدا أورده بن العربي في المسلسلات ولفظه قال الله الإخلاص سر من سري استودعته قلب من أحب لا يطلع عليه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده ويكفى في رد هذا القول الحديث الصحيح في كتابة الحسنة لمن هم بها وأن لم يعملها فهذا ما وقفت عليه من الأجوبة وقد بلغني أن بعض العلماء بلغها إلى أكثر من هذا وهو الطالقاني في حظائر القدس له ولم اقف عليه واتفقوا على أن المراد بالصيام هنا صيام من سلم صيامه من المعاصي قولا وفعلا ونقل بن العربي عن بعض الزهاد أنه مخصوص بصيام خواص الخواص فقال أن الصوم على أربعة أنواع صيام العوام وهو الصوم عن الأكل والشرب والجماع وصيام خواص العوام وهو هذا مع اجتناب المحرمات من قول أو فعل وصيام الخواص وهو الصوم عن غير ذكر الله وعبادته وصيام خواص الخواص وهو الصوم عن غير الله فلا فطر لهم إلى يوم القيامة وهذا مقام عال لكن في حصر المراد من الحديث في هذا النوع نظر لا يخفى وأقرب الأجوبة التي ذكرتها إلى الصواب الأول والثاني ويقرب منهما الثامن والتاسع وقال البيضاوي في