وأما حديث بن عمر فاتفق الرواة عن مالك عن نافع فيه على قوله فاقدروا له وجاء من وجه آخر عن نافع بلفظ فاقدروا ثلاثين كذلك أخرجه مسلم من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع وهكذا أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع قال عبد الرزاق وأخبرنا عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع به وقال فعدوا ثلاثين واتفق الرواة عن مالك عن عبد الله بن دينار أيضا فيه على قوله فاقدروا له وكذلك رواه الزعفراني وغيره عن الشافعي وكذا رواه إسحاق الحربي وغيره في الموطأ عن القعنبي وأخرجه الربيع بن سليمان والمزنى عن الشافعي فقال فيه كما قاله البخاري هنا عن القعنبي فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين قال البيهقي في المعرفة أن كانت رواية الشافعي والقعنبي من هذين الوجهين محفوظة فيكون مالك قد رواه على الوجهين قلت ومع غرابة هذا اللفظ من هذا الوجه فله متابعات منها ما رواه الشافعي أيضا من طريق سالم عن بن عمر بتعيين الثلاثين ومنها ما رواه بن خزيمة من طريق عاصم بن محمد بن زيد عن أبيه عن بن عمر بلفظ فإن غم عليكم فكملوا ثلاثين وله شواهد من حديث حذيفة عند بن خزيمة وأبي هريرة وبن عباس عند أبي داود والنسائي وغيرهما وعن أبي بكرة وطلق بن على عند البيهقي وأخرجه من طرق أخرى عنهم وعن غيرهم .
1807 - قوله لا تصوموا حتى تروا الهلال ظاهره إيجاب الصوم حين الرؤية متى وجدت ليلا أو نهارا لكنه محمول على صوم اليوم المستقبل وبعض العلماء فرق بين ما قبل الزوال أو بعد وخالف الشيعة الإجماع فأوجبوه مطلقا وهو ظاهر في النهى عن ابتداء صوم رمضان قبل رؤية الهلال فيدخل فيه صورة الغيم وغيرها ولو وقع الاقتصار على هذه الجملة لكفى ذلك لمن تمسك به لكن اللفظ الذي رواه أكثر الرواة أوقع للمخالف شبهة وهو .
1808 - قوله فإن غم عليكم فاقدروا له فاحتمل أن يكون المراد التفرقة بين حكم الصحو والغيم فيكون التعليق على الرؤية متعلقا بالصحو وأما الغيم فله حكم آخر ويحتمل أن لا تفرقة ويكون الثاني مؤكدا للأول وإلى الأول ذهب أكثر الحنابلة وإلى الثاني ذهب الجمهور فقالوا المراد بقوله فاقدروا له أي انظروا في أول الشهر واحسبوا تمام الثلاثين ويرجح هذا التأويل الروايات الآخر المصرحة بالمراد وهي ما تقدم من قوله فأكملوا العدة ثلاثين ونحوها واولى ما فسر الحديث بالحديث وقد وقع الاختلاف في حديث أبي هريرة في هذه الزيادة أيضا فرواها البخاري كما ترى بلفظ فأكملوا عدة شعبان ثلاثين وهذا أصرح ما ورد في ذلك وقد قيل أن آدم شيخه انفرد بذلك فإن أكثر الرواة عن شعبة قالوا فيه فعدوا ثلاثين أشار إلى ذلك الإسماعيلي وهو عند مسلم وغيره قال فيجوز أن يكون آدم أورده على ما وقع عنده من تفسير الخبر قلت الذي ظنه الإسماعيلي صحيح فقد رواه البيهقي من طريق إبراهيم بن يزيد عن آدم بلفظ فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما يعنى عدوا شعبان ثلاثين فوقع للبخاري ادراج التفسير في نفس الخبر ويؤيد رواية أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين فإنه يشعر بان المامور بعدده هو شعبان وقد رواه مسلم من طريق الربيع بن مسلم عن محمد بن زياد بلفظ فأكملوا العدد وهو يتناول كل شهر فدخل فيه شعبان وروى الدارقطني وصححه وبن خزيمة في صحيحه من حديث عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره ثم يصوم لرؤية رمضان فإن غم عليه عد ثلاثين يوما ثم صام وأخرجه أبو داود وغيره أيضا وروى أبو داود والنسائي وبن خزيمة من طريق ربعي عن حذيفة مرفوعا لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ثم صوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة وقيل الصواب فيه عن ربعي عن رجل