من اسقط القضاء وأجيب بأنه لم يتعرض فيه للقضاء فيحمل على سقوط المؤاخذة لأن المطلوب صيام يوم لا خرم فيه لكن روى الدارقطني فيه سقوط القضاء وهو نص لا يقبل الاحتمال لكن الشان في صحته فإن صح وجب الأخذ به وسقط القضاء اه وأجاب بعض المالكية بحمل الحديث على صوم التطوع كما حكاه بن التين عن بن شعبان وكذا قال بن القصار واعتل بأنه لم يقع في الحديث تعيين رمضان فيحمل على التطوع وقال المهلب وغيره لم يذكر في الحديث اثبات القضاء فيحمل على سقوط الكفارة عنه وإثبات عذره ورفع الإثم عنه وبقاء نيته التي بيتها اه والجواب عن ذلك كله بما أخرجه بن خزيمة وبن حبان والحاكم والدارقطني من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ من أفطر في شهر رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة فعين رمضان وصرح بإسقاط القضاء قال الدارقطني تفرد به محمد بن مرزوق عن الأنصاري وتعقب بان بن خزيمة أخرجه أيضا عن إبراهيم بن محمد الباهلي وبأن الحاكم أخرجه من طريق أبي حاتم الرازي كلاهما عن الأنصاري فهو المنفرد به كما قال البيهقي وهو ثقة والمراد أنه انفرد بذكر إسقاط القضاء فقط لا بتعيين رمضان فإن النسائي أخرج الحديث من طريق على بن بكار عن محمد بن عمرو ولفظه في الرجل يأكل في شهر رمضان ناسيا فقال الله أطعمه وسقاه وقد ورد إسقاط القضاء من وجه آخر عن أبي هريرة أخرجه الدارقطني من رواية محمد بن عيسى بن الطباع عن بن علية عن هشام عن بن سيرين ولفظه فإنما هو رزق ساقه الله إليه ولا قضاء عليه وقال بعد تخريجه هذا إسناد صحيح وكلهم ثقات قلت لكن الحديث عند مسلم وغيره من طريق بن علية وليس فيه هذه الزيادة وروى الدارقطني أيضا إسقاط القضاء من رواية أبي رافع وأبي سعيد المقبري والوليد بن عبد الرحمن وعطاء بن يسار كلهم عن أبي هريرة وأخرج أيضا من حديث أبي سعيد رفعه من أكل في شهر رمضان ناسيا فلا قضاء عليه وإسناده وأن كان ضعيفا لكنه صالح للمتابعة فاقل درجات الحديث بهذه الزيادة أن يكون حسنا فيصلح للاحتجاج به وقد وقع الاحتجاج في كثير من المسائل بما هو دونه في القوة ويعتضد أيضا بأنه قد أفتي به جماعة من الصحابة من غير مخالفة لهم منهم كما قاله بن المنذر وبن حزم وغيرهما على بن أبي طالب وزيد بن ثابت وأبو هريرة وبن عمر ثم هو موافق لقوله تعالى ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم فالنسيان ليس من كسب القلب وموافق للقياس في إبطال الصلاة بعمد الأكل لا بنسيانه فكذلك الصيام وأما القياس الذي ذكره بن العربي فهو في مقابلة النص فلا يقبل ورده للحديث مع صحته بكونه خبر واحد خالف القاعدة ليس بمسلم لأنه قاعدة مستقلة بالصيام فمن عارضه بالقياس على الصلاة ادخل قاعدة في قاعدة ولو فتح باب رد الأحاديث الصحيحة بمثل هذا لما بقي من الحديث الا القليل وفي الحديث لطف الله بعباده والتيسير عليهم ورفع المشقة والحرج عنهم وقد روى أحمد لهذا الحديث سببا فأخرج من طريق أم حكيم بنت دينار عن مولاتها أم إسحاق أنها كانت عند النبي صلى الله عليه وسلّم فأتى بقصعة من ثريد فأكلت معه ثم تذكرت أنها كانت صائمة فقال لها ذو اليدين الآن بعد ما شبعت فقال لها النبي صلى الله عليه وسلّم أتمى صومك فإنما هو رزق ساقه الله إليك وفي هذا رد على من فرق بين قليل الأكل وكثيره ومن المستظرفات ما رواه عبد الرزاق عن بن جريج عن عمرو بن دينار أن إنسانا جاء إلى أبي هريرة فقال أصبحت صائما فنسيت فطعمت قال لا بأس قال ثم دخلت على إنسان فنسيت وطعمت وشربت قال لا بأس الله اطعمك وسقاك ثم قال دخلت على آخر فنسيت فطعمت فقال أبو هريرة أنت إنسان لم تتعود الصيام