فأورده من طريقين عن الشعبي عنه والثانية من طريقين عن أبي فروة عن الشعبي فأورده أولا من طريق عبد الله بن عون عن الشعبي ثم من طريق بن عيينة عن أبي فروة عن الشعبي صرح تارة بالتحديث لابن عيينة عن أبي فروة وثانيا بالتصريح بسماع أبي فروة من الشعبي وقد أخرجه الحميدي في مسنده عن بن عيينة فصرح فيه بتحديث أبي فروة له وبسماع أبي فروة من الشعبي وبسماع الشعبي من النعمان على المنبر وبسماع النعمان من رسول الله صلى الله عليه وسلّم ثم ساقه المصنف من طريق سفيان وهو الثوري عن أبي فروة وساقه على لفظه كما صرح بذلك أبو نعيم في المستخرج وأما لفظ بن عيينة فقد أخرجه بن خزيمة في صحيحه والإسماعيلي من طريقه ولفظه حلال بين وحرام بين ومشتبهات بين ذلك فذكره وفي آخره ولكل ملك حمى وحمى الله في الأرض معاصيه وأما لفظ بن عون فأخرجه أبو داود والنسائي وغيرهما بلفظ أن الحلال بين وأن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات وأحيانا يقول مشتبهة وسأضرب لكم في ذلك مثلا أن الله حمى حمى وإن حمى الله ما حرم وأنه من يرع حول الحمى يوشك أن يخالطه وأنه من يخالط الريبة يوشك أن يجسر وأبو فروة المذكور هو الأكبر واسمه عروة بن الحارث الهمداني الكوفي ولهم أبو فروة الأصغر الجهني الكوفي واسمه مسلم بن سالم ما له في البخاري سوى حديث واحد في أحاديث الأنبياء قوله قال النبي صلى الله عليه وسلّم في الرواية الأولى سمعت النبي صلى الله عليه وسلّم وقد قدمت في الإيمان الرد على من نفى سماعه من النبي صلى الله عليه وسلّم .
1946 - قوله الحلال بين والحرام بين الخ فيه تقسيم الأحكام إلى ثلاثة أشياء وهو صحيح لأن الشيء إما أن ينص على طلبه مع الوعيد على تركه أو ينص على تركه مع الوعيد على فعله أو لا ينص على واحد منهما فالأول الحلال البين والثاني الحرام البين فمعنى قوله الحلال بين أي لا يحتاج إلى بيانه ويشترك في معرفته كل أحد والثالث مشتبه لخفائه فلا يدري هل هو حلال أو حرام وما كان هذا سبيله ينبغي اجتنابه لأنه إن كان في نفس الأمر حراما فقد بريء من تبعتها وإن كان حلالا فقد أجر على تركها بهذا القصد لأن الأصل في الأشياء مختلف فيه حظرا وإباحة والأولان قد يردان جميعا فإن علم المتأخر منهما وإلا فهو من حيز القسم الثالث وسأذكر ما فسرت به الشبهة بعد هذا الباب والمراد أنها مشتبهة على بعض الناس بدليل قوله عليه السلام لا يعلمها كثير من الناس وقد تقدم الكلام على ذلك وعلى هذا الحديث مستوفى في باب فضل من استبرأ لدينه وعرضه من كتاب الإيمان وقد توارد أكثر الأئمة المخرجين له على إيراده في كتاب البيوع لأن الشبهة في المعاملات تقع فيها كثيرا وله تعلق أيضا بالنكاح وبالصيد والذبائح والأطعمة والأشربة وغير ذلك مما لا يخفى والله المستعان وفيه دليل على جواز الجرح والتعديل قاله البغوي في شرح السنة واستنبط منه بعضهم منع إطلاق الحلال والحرام على ما لا نص فيه لأنه من جملة ما لم يستبن لكن قوله صلى الله عليه وسلّم لا يعلمها كثير من الناس يشعر بأن منهم من يعلمها وقوله في هذه الطريق استبان أي ظهر تحريمه وقوله أوشك أي قرب لأن متعاطي الشبهات قد يصادف الحرام وإن لم يتعمده أو يقع فيه لاعتياده التساهل