يونس ما عالجت شيئا أشد على من الورع فقال حسان ما عالجت شيئا أهون على منه قال كيف قال حسان تركت ما يريبني إلى ما لا يريبني فاسترحت قال بعض العلماء تكلم حسان على قدر مقامه والترك الذي أشار إليه أشد على كثير من الناس من تحمل كثير من المشاق الفعلية وقد ورد قوله دع ما يريبك إلى ما لا يريبك مرفوعا أخرجه الترمذي والنسائي وأحمد وبن حبان والحاكم من حديث الحسن بن على وفي الباب عن أنس عند أحمد من حديث بن عمر عند الطبراني في الصغير ومن حديث أبي هريرة وواثلة بن الأسقع ومن قول بن عمر أيضا وبن مسعود وغيرهما قوله يريبك بفتح أوله ويجوز الضم يقال رابه يريبه بالفتح وأرابه يريبه بالضم ريبة وهي الشك والتردد والمعنى إذا شككت في شيء فدعه وترك ما يشك فيه أصل عظيم في الورع وقد روى الترمذي من حديث عطية السعدي مرفوعا لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به البأس وقد تقدمت الإشارة إليه في كتاب الإيمان قال الخطابي كل ما شككت فيه فالورع اجتنابه ثم هو على ثلاثة أقسام واجب ومستحب ومكروه فالواجب اجتناب ما يستلزمه ارتكاب المحرم والمندوب اجتناب معاملة من أكثر ماله حرام والمكروه اجتناب الرخص المشروعة على سبيل التنطع الحديث الأول حديث عقبة بن الحارث في الرضاع ووجه الدلالة منه .
1947 - قوله كيف وقد قيل فإنه يشعر بان أمره بفراق امرأته إنما كان لأجل قول المرأة أنها أرضعتهما فاحتمل أن يكون صحيحا فيرتكب الحرام فأمره بفراقها احتياطا على قول الأكثر وقيل بل قبل شهادة المرأة وحدها على ذلك وستاتى مباحثه في كتاب الشهادات أن شاء الله تعالى الحديث الثاني حديث عائشة في قصة بن وليدة زمعة وستاتى مباحثه في كتاب الفرائض ووجه الدلالة منه .
1948 - قوله صلى الله عليه وسلّم احتجبي منه يا سودة مع حكمة بأنه أخوها لأبيها لكن لما رأى الشبه البين فيه من غير زمعة أمر سودة بالاحتجاب منه احتياطا في قول الأكثر واعترض الداودي فقال ليس هذا الحديث من هذا الباب في شيء وأجاب بن التين بان وجهه أن المشبهات ما أشبهت الحلال من وجه والحرام من وجه وبيانه من هذه القصة أن الحاقه بزمعة يقتضى أن لا تحتجب منه سودة والشبه بعتبة يقتضى أن تحتجب وقال بن القصار إنما حجب سودة منه لأن للزوج أن يمنع زوجته من أخيها وغيره من اقاربها وقال غيره بل وجب ذلك لغلظ أمر الحجاب في حق أزواج النبي صلى الله عليه وسلّم ولو اتفق مثل ذلك لغيره لم يجب الاحتجاب كما وقع في حق الأعرابي الذي قال له لعله نزعه عرق الحديث الثالث حديث عدي بن حاتم في الصيد ووجه الدلالة منه .
1949 - قوله إنما سميت على كلبك ولم تسم على الآخر فبين له وجه المنع وهو ترك التسمية وأبعد من استدل به على سد الذرائع .
( قوله باب ما يتنزه ) .
بضم أوله أي يجتنب من الشبهات وللكشميهني يكره بدل يتنزه 4 .
1950 - قوله حدثنا سفيان