إجازة بيع الحاضر للبادي بغير اجرة من باب النصيحة قلت ويؤيده ما سيأتي في بعض طرق الحديث المعلق أول أحاديث الباب وكذلك ما أخرجه أبو داود من طريق سالم المكي أن أعرابيا حدثه أنه قدم بحلوبة له على طلحة بن عبيد الله فقال له أن النبي صلى الله عليه وسلّم نهى أن يبيع حاضر لباد ولكن أذهب إلى السوق فأنظر من يبايعك فشاورنى حتى أمرك وأنهاك قوله وقال النبي صلى الله عليه وسلّم إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصح له هو طرف من حديث وصله أحمد من حديث عطاء بن السائب عن حكيم بن أبي يزيد عن أبيه حدثني أبي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض فإذا استنصح الرجل الرجل فلينصح له ورواه البيهقي من طريق عبد الملك بن عمير عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا مثله وقد أخرجه مسلم من طريق أبي خيثمة عن أبي الزبير بلفظ لا يبيع حاضر لباد دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض قوله ورخص فيه عطاء أي في بيع الحاضر للبادي وصله عبد الرزاق عن الثوري عن عبد الله بن عثمان أي بن خثيم عن عطاء بن أبي رباح قال سألته عن أعرابي أبيع له فرخص لي وأما ما رواه سعيد بن منصور من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد قال إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يبيع حاضر لباد لأنه أراد أن يصيب المسلمون غرتهم فأما اليوم فلا بأس فقال عطاء لا يصلح اليوم فقال مجاهد ما أرى أبا محمد الا لو أتاه ظئر له من أهل البادية الا سيبيع له فالجمع بين الروايتين عن عطاء أن يحمل قوله هذا على كراهة التنزيه ولهذا نسب إليه مجاهد ما نسب وأخذ بقول مجاهد في ذلك أبو حنيفة وتمسكوا بعموم قوله صلى الله عليه وسلّم الدين النصيحة وزعموا أنه ناسخ لحديث النهى وحمل الجمهور حديث الدين النصيحة على عمومه الا في بيع الحاضر للبادي فهو خاص فيقضى على العام والنسخ لا يثبت بالاحتمال وجمع البخاري بينهما بتخصيص النهى بمن يبيع له بالأجرة كالسمسار وأما من ينصحه فيعلمه بان السعر كذا مثلا فلا يدخل في النهى عنده والله أعلم ثم أورد المصنف في الباب حديثين أحدهما حديث جرير في النصح لكل مسلم وقد تقدم الكلام عليه في آخر كتاب الإيمان والثاني حديث بن عباس .
2050 - قوله حدثنا عبد الواحد هو بن زياد قوله لا تلقوا الركبان زاد الكشميهني في روايته للبيع وسيأتي الكلام عليه قريبا قوله لا يكون له سمسارا بمهملتين هو في الأصل القيم بالأمر والحافظ له ثم استعمل في متولى البيع والشراء لغيره وفي هذا التفسير تعقب على من فسر الحاضر بالبادى بان المراد نهى الحاضر أن يبيع للبادي في زمن الغلاء شيئا يحتاج إليه أهل البلد فهذا مذكور في كتب الحنفية وقال غيرهم صورته أن يجيء البلد غريب بسلعته يريد بيعها بسعر الوقت في الحال فيأتيه بلدى فيقول له ضعه عندي لابيعه لك على التدريج باغلى من هذا السعر فجعلوا الحكم منوطا بالبادى ومن شاركه في معناه قال وإنما ذكر البادي في الحديث لكونه الغالب فالحق به من يشاركه في عدم معرفة السعر الحاضر واضرار أهل البلد بالإشارة عليه بان لا يبادر بالبيع وهذا تفسير الشافعية والحنابلة وجعل المالكية البداوة قيدا وعن مالك لا يلتحق بالبدوي في ذلك الا من كان يشبهه قال فأما أهل القرى الذين يعرفون اثمان السلع والاسواق فليسوا داخلين في ذلك قال بن المنذر اختلفوا في هذا النهى فالجمهور أنه على التحريم بشرط العلم بالنهى وأن يكون المتاع المجلوب مما يحتاج إليه وأن يعرض الحضري ذلك على البدوي فلو عرضه البدوي على الحضري لم يمنع وزاد بعض الشافعية عموم الحاجة وأن يظهر ببيع ذلك المتاع السعة في تلك البلد قال بن دقيق العيد أكثر هذه الشروط تدور بين أتباع المعنى أو اللفظ والذي ينبغي أن ينظر في المعنى إلى الظهور والخفاء فحيث يظهر يخصص