تمر من قوت سنتهم فرخص لهم أن يشتروا العرايا بخرصها من التمر يأكلونها رطبا قال الشافعي وحديث سفيان يدل لهذا فإن قوله يأكله أهلها رطبا يشعر بأن مشتري العرية يشتريها ليأكلها وأنه ليس له رطب يأكله غيرها ولو كان المرخص له في ذلك صاحب الحائط يعني كما قال مالك لكان لصاحب الحائط في حائطه من الرطب ما يأكله غيرها ولم يفتقر إلى بيع العرية وقال بن المنذر هذا الكلام لا أعرف أحدا ذكره غير الشافعي وقال السبكي هذا الحديث لم يذكر الشافعي إسناده وكل من ذكره إنما حكاه عن الشافعي ولم يجد البيهقي في المعرفة له إسنادا قال ولعل الشافعي أخذه من السير يعني سير الواقدي قال وعلى تقدير صحته فليس فيه حجة للتقييد بالفقير لأنه لم يقع في كلام الشارع وإنما ذكره في القصة فيحتمل أن تكون الرخصة وقعت لأجل الحاجة المذكورة ويحتمل أن يكون للسؤال فلايتم الاستدلال مع إطلاق الأحاديث المنصوصة من الشارع وقد اعتبر هذا القيد الحنابلة مضموما إلى ما اعتبره مالك فعندهم لا تجوز العرية إلا لحاجة صاحب الحائط إلى البيع أو لحاجة المشتري إلى الرطب والله أعلم .
2080 - قوله حدثنا محمد كذا للأكبر غير منسوب ووقع في رواية أبي ذر هو بن مقاتل وعبد الله هو بن المبارك قوله قال موسى بن عقبة أي بالإسناد المذكور إليه قوله والعرايا نخلات معلومات تأتيها فتشتريها أي تشتري ثمرتها بتمر معلوم وكأنه اختصره للعلم به ولم أجده في شيء من الطرق عنه إلا هكذا ولعله أراد أن يبين أنها مشتقة من عروت إذا أتيت وترددت إليه لا من العرى بمعنى التجرد قاله الكرماني وقد تقدم قول يحيى بن سعيد العرية أن يشتري الرجل ثمر النخلات لطعام أهله رطبا بخرصها تمرا وفي لفظ عنه أن العرية النخلة تجعل للقوم فيبيعونها بخرصها تمرا وقال القرطبي كأن الشافعي اعتمد في تفسير العرية على قول يحيى بن سعيد وليس يحيى صحابيا حتى يعتمد عليه مع معارضة رأي غيره له ثم قال وتفسير يحيى مرجوح بأنه عين المزابنة المنهي عنها في قصة لا ترهق إليها حاجة أكيدة ولا تندفع بها مفسدة فإن المشتري لها بالتمر متمكن من بيع ثمره بعين وشرائه بالعين ما يريد من الرطب فإن قال يتعذر هذا قيل له فأجز بيع الرطب بالتمر ولو لم يكن الرطب على النخل وهو لا يقول بذلك انتهى والشافعي أقعد باتباع أحاديث هذا الباب من غيره فإنها ناطقة باستثناء العرايا من بيع المزابنة وأما إلزامه الأخير فليس بلازم لأنها رخصة وقعت مقيدة بقيد فيتبع القيد وهو كون الرطب على رؤوس النخل مع أن كثيرا من الشافعية ذهبوا إلى إلحاق الرطب بعد القطع بالرطب على رؤوس النخل بالمعنى كما تقدم والله أعلم وكل ما ورد من تفسير العرايا في الأحاديث لا يخالفه الشافعي فقد روى أبو داود من طريق عمرو بن الحارث عن عبد ربه بن سعيد وهو أخو يحيى بن سعيد قال العرية الرجل يعرى الرجل النخلة أو الرجل يستثني من ماله النخلة يأكلها رطبا فيبيعها تمرا وقال أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع قال سمعنا في تفسير العرية أنها النخلة يرثها الرجل أو يشتريها في بستان الرجل وإنما يتجه الاعتراض على من تمسك بصورة من الصور الواردة في تفسير العرية ومنع غيرها وأما من عمل بها كلها ونظمها في ضابط يجمعها فلا اعتراض عليه والله أعلم