من وجه آخر عنه أنه كان لا يرى بأسا أن يجعل الرجل للرجل طائفة من زرعة أو حرثه على أن يكفيه مؤنتها والقيام عليها قوله وقال عبد الرحمن بن الأسود كنت أشارك عبد الرحمن بن يزيد في الزرع وصله بن أبي شيبة وزاد فيه وأحمله إلى علقمة والأسود فلو رأيا به بأسا لنهياني عنه وروى النسائي من طريق أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود قال كان عماي يزارعان بالثلث والربع وأنا شريكهما وعلقمة والأسود يعلمان فلا يغيران قوله وعامل عمر الناس على إن جاء عمر بالبذر من عنده فله الشطر وإن جاؤوا بالبذر فلهم كذا وصله بن أبي شيبة عن أبي خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد أن عمر أجلى أهل نجران واليهود والنصارى واشترى بياض أرضهم وكرومهم فعامل عمر الناس إن هم جاؤوا بالبقر والحديد من عندهم فلهم الثلثان ولعمر الثلث وإن جاء عمر بالبذر من عنده فله الشطر وعاملهم في النخل على أن لهم الخمس وله الباقي وعاملهم في الكرم على أن لهم الثلث وله الثلثان وهذا مرسل وأخرجه البيهقي من طريق إسماعيل بن أبي حكيم عن عمر بن عبد العزيز قال لما استخلف عمر أجلى أهل نجران وأهل فدك وتيماء وأهل خيبر واشترى عقارهم وأموالهم واستعمل يعلى بن منية فأعطى البياض يعني بياض الأرض على إن كان البذر والبقر والحديد من عمر فلهم الثلث ولعمر الثلثان وأن كان منهم فلهم الشطر وله الشطر وأعطى النخل والعنب على أن لعمر الثلثين ولهم الثلث وهذا مرسل أيضا فيتقوى أحدهما بالآخر وقد أخرجه الطحاوي من هذا الوجه بلفظ أن عمر بن الخطاب بعث يعلى بن منية إلى اليمن فأمره أن يعطيهم الأرض البيضاء فذكر مثله سواء وكأن المصنف أبهم المقدار بقوله فلهم كذا لهذا الاختلاف لأن غرضه منه أن عمر أجاز المعاملة بالجزء وقد استشكل هذا الصنيع بأنه يقتضى جواز بيعتين في بيعة لأن ظاهره وقوع العقد على إحدى الصورتين من غير تعيين ويحتمل أن يراد بذلك التنويع والتخيير قبل العقد ثم يقع العقد على أحد الأمرين أو أنه كان يرى ذلك جعالة فلا يضره نعم في إيراد المصنف هذا الأثر وغيره في هذه الترجمة ما يقتضى أنه يرى أن المزارعة والمخابرة بمعنى واحد وهو وجه للشافعية والوجه الآخر أنهما مختلفا المعنى فالمزارعة العمل في الأرض ببعض ما يخرج منها والبذر من المالك والمخابرة مثلها لكن البذر من العامل وقد أجازهما أحمد في رواية ومن الشافعية بن خزيمة وبن المنذر والخطابي وقال بن سريج بجواز المزارعة وسكت عن المخابرة وعكسه الجوري من الشافعية وهو المشهور عن أحمد وقال الباقون لا يجوز واحد منهما وحملوا الآثار الواردة في ذلك على المساقاة وسيأتي قوله وقال الحسن لا بأس أن تكون الأرض لأحدهما فينتفعان جميعا فما خرج فهو بينهما ورأى ذلك الزهري وقال الحسن لا بأس أن يجتنى القطن على النصف أما قول الحسن فوصله سعيد بن منصور بنحوه وأما قول الزهري فوصله عبد الرزاق وبن أبي شيبة بنحوه قال بن التين قول الحسن في القطن يوافق قول مالك وأجاز أيضا أن يقول ما جنيت فلك نصفه ومنعه بعض أصحابه ويمكن أن يكون الحسن أراد أنه جعالة قوله وقال إبراهيم وبن سيرين وعطاء والحكم والزهري وقتادة لا بأس أن يعطي الثوب بالثلث أو الربع ونحوه أي لا بأس أن يعطي للنساج الغزل ينسجه ويكون ثلث المنسوج له والباقي لمالك الغزل وأطلق الثوب عليه بطريق المجاز وأما قول إبراهيم فوصله أبو بكر الأثرم من طريق الحكم أنه سأل إبراهيم عن الحواك يعطي الثوب على الثلث والربع فقال لا بأس بذلك وأما قول بن سيرين فوصله بن أبي شيبة من طريق بن عون سألت محمدا هو بن سيرين عن الرجل يدفع إلى النساج الثوب