اسم الفاعل من الآباء وكأنه التبس عليه بأبي اللحم الصحابي وكان قدر الشعير المذكور ثلاثين صاعا كما سيأتي للمصنف من حديث عائشة في الجهاد وأواخر المغازي وكذلك رواه أحمد وبن ماجة والطبراني وغيرهم من طريق عكرمة عن بن عباس وأخرجه الترمذي والنسائي من هذا الوجه فقالا بعشرين ولعله كان دون الثلاثين فجبر الكسر تارة وألغى أخرى ووقع لابن حبان من طريق شيبان عن قتادة عن أنس أن قيمة الطعام كانت دينارا وزاد أحمد من طريق شيبان الآتية في آخره فما وجد ما يفتكها به حتى مات قوله ومشيت إلى النبي صلى الله عليه وسلّم بخبز شعير وإهالة سنخة والإهالة بكسر الهمزة وتخفيف الهاء ما أذيب من الشحم والالية وقيل هو كل دسم جامد وقيل ما يؤتدم به من الأدهان وقوله سنخة بفتح المهملة وكسر النون بعدها معجمة مفتوحة أي المتغيرة الريح ويقال فيها بالزاى أيضا ووقع لأحمد من طريق شيبان عن قتادة عن أنس لقد دعي نبي الله صلى الله عليه وسلّم ذات يوم على خبز شعير وإهالة سنخة فكأن اليهودي دعا النبي صلى الله عليه وسلّم على لسان أنس فلهذا قال مشيت إليه بخلاف ما يقتضيه ظاهره أنه حضر ذلك إليه قوله ولقد سمعته فاعل سمعت أنس والضمير للنبي صلى الله عليه وسلّم وهو فاعل يقول وجزم الكرماني بأنه أنس وفاعل سمعت قتادة وقد أشرت إلى الرد عليه في أوائل البيوع وقد أخرجه أحمد وبن ماجة من طريق شيبان المذكورة بلفظ ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول والذي نفس محمد بيده فذكر الحديث لفظ بن ماجة وساقه أحمد بتمامه قوله ما أصبح لآل محمد الا صاع ولا أمسى كذا للجميع وكذا ذكره الحميدي في الجمع وأخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريق الكجي عن مسلم بن إبراهيم شيخ البخاري فيه بلفظ ما أصبح لآل محمد ولا أمسى الا صاع وخولف مسلم بن إبراهيم في ذلك فأخرجه أحمد عن أبي عامر والإسماعيلي من طريقه والترمذي من طريق بن أبي عدي ومعاذ بن هشام والنسائي من طريق هشام بلفظ ما أمسى في آل محمد صاع من تمر ولا صاع من حب وتقدم من وجه آخر في أوائل البيوع بلفظ بر بدل تمر قوله وانهم لتسعة أبيات في رواية المذكورين وأن عنده يومئذ لتسع نسوة وسيأتي سياق أسمائهن في كتاب المناقب أن شاء الله تعالى ومناسبة ذكر أنس لهذا القدر مع ما قبله الإشارة إلى سبب قوله صلى الله عليه وسلّم هذا وأنه لم يقله متضجرا ولا شاكيا معاذ الله من ذلك وإنما قاله معتذرا عن اجابته دعوة اليهودي ولرهنه عنده درعه ولعل هذا هو الحامل الذي زعم بأن قائل ذلك هو أنس فرارا من أن يظن أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال ذلك بمعنى التضجر والله أعلم وفي الحديث جواز معاملة الكفار فيما لم يتحقق تحريم عين المتعامل فيه وعدم الاعتبار بفساد معتقدهم ومعاملاتهم فيما بينهم واستنبط منه جواز معاملة من أكثر ماله حرام وفيه جواز بيع السلاح ورهنه وإجارته وغير ذلك من الكافر ما لم يكن حربيا وفيه ثبوت أملاك أهل الذمة في أيديهم وجواز الشراء بالثمن المؤجل واتخاذ الدروع والعدد وغيرها من آلات الحرب وأنه غير قادح في التوكل وأن قنية آلة الحرب لا تدل على تحبيسها قاله بن المنير وأن أكثر قوت ذلك العصر الشعير قاله الداودي وأن القول قول المرتهن في قيمة المرهون مع يمينه حكاه بن التين وفيه ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلّم من التواضع والزهد في الدنيا والتقلل منها مع قدرته عليها والكرم الذي أفضى به إلى عدم الادخار حتى أحتاج إلى رهن درعه والصبر على ضيق العيش والقناعة باليسير وفضيلة لأزواجه لصبرهن معه على ذلك وفيه غير ذلك مما مضى ويأتي قال العلماء الحكمة في عدوله صلى الله عليه وسلّم عن معاملة مياسير الصحابة إلى معاملة اليهود إما لبيان الجواز أو لأنهم لم يكن عندهم إذ ذاك طعام فاضل