( قوله باب لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة وغيرها ) .
هذه الترجمة معقودة لبيان حكم شهادة الكفار وقد اختلف في ذلك السلف على ثلاثة أقوال فذهب الجمهور إلى ردها مطلقا وذهب بعض التابعين إلى قبولها مطلقا الا على المسلمين وهو مذهب الكوفيين فقالوا تقبل شهادة بعضهم على بعض وهي إحدى الروايتين عن أحمد وأنكرها بعض أصحابه واستثنى أحمد حالة السفر فأجاز فيها شهادة أهل الكتاب كما سيأتي بيانه في أواخر الوصايا إن شاء الله تعالى وقال الحسن وبن أبي ليلى والليث وإسحاق لا تقبل ملة على ملة وتقبل بعض الملة على بعضها لقوله تعالى فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وهذا أعدل الأقوال لبعده عن التهمة واحتج الجمهور بقوله تعالى ممن ترضون من الشهداء وبغير ذلك من الآيات والأحاديث قوله وقال الشعبي لا تجوز شهادة أهل الملل الخ وصله سعيد بن منصور حدثنا هشيم حدثنا داود عن الشعبي لا تجوز شهادة ملة على أخرى الا المسلمين فإن شهادتهم جائزة على جميع الملل وروى عبد الرزاق عن الثوري عن عيسى وهو الخياط عن الشعبي قال كان يجيز شهادة النصراني على اليهودي واليهودي على النصراني وروى بن أبي شيبة من طريق أشعث عن الشعبي قال تجوز شهادة أهل الملل للمسلمين بعضهم على بعض قلت فاختلف فيه على الشعبي وروى بن أبي شيبة عن نافع وطائفة الجواز مطلقا وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري الجواز مطلقا قوله وقال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلّم لا تصدقوا أهل الكتاب الخ وصله في تفسير البقرة من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة وفيه قصة وسيأتي الكلام عليه ثم إن شاء الله تعالى والغرض منه هنا النهي عن تصديق أهل الكتاب فيما لا يعرف صدقه من قبل غيرهم فيدل على رد شهادتهم وعدم قبولها كما يقول الجمهور .
2539 - قوله في حديث بن عباس يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب أي من اليهود والنصارى قوله وكتابكم أي القرآن قوله أحدث الأخبار بالله أي أقربها نزولا إليكم من عند الله D فالحديث بالنسبة إلى المنزول إليهم وهو في نفسه قديم وقوله لم يشب بضم أوله وفتح المعجمة بعدها موحدة أي لم يخلط ووقع عند أحمد من حديث جابر مرفوعا لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا الحديث وسيأتي مزيد بسط في ذلك في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى والغرض منه هنا الرد على من يقبل شهادة أهل الكتاب وإذا كانت أخبارهم لا تقبل فشهادتهم مردودة بالأولى لأن باب الشهادة أضيق من باب الرواية