( قوله باب الجعائل والحملان في السبيل ) .
الجعائل بالجيم جمع جعيلة وهي ما يجعله القاعد من الأجرة لمن يغزو عنه والحملان بضم المهملة وسكون الميم مصدر كالحمل تقول حمل حملا وحملانا قال بن بطال أن أخرج الرجل من ماله شيئا فتطوع به أو أعان الغازي على غزوه بفرس ونحوها فلا نزاع فيه وإنما اختلفوا فيما إذا أجر نفسه أو فرسه في الغزو فكره ذلك مالك وكره أن يأخذ جعلا على أن يتقدم إلى الحصن وكره أصحاب أبي حنيفة الجعائل الا أن كان بالمسلمين ضعف وليس في بيت المال شيء وقالوا أن أعان بعضهم بعضا جاز لا على وجه البدل وقال الشافعي لا يجوز أن يغزو بجعل يأخذه وإنما يجوز من السلطان دون غيره لأن الجهاد فرض كفاية فمن فعله وقع عن الفرض ولا يجوز أن يستحق على غيره عوضا انتهى ويؤيده ما رواه عبد الرزاق من طريق بن سيرين عن بن عمر قال يمتع القاعد الغازي بما شاء فأما أنه يبيع غزوه فلا ومن وجه آخر عن بن سيرين سئل بن عمر عن الجعائل فكرهه وقال أرى الغازي يبيع غزوه والجاعل يفر من غزوه والذي يظهر أن البخاري أشار إلى الخلاف فيما يأخذه الغازي هل يستحقه بسبب الغزو فلا يتجاوزه إلى غيره أو يملكه فيتصرف فيه بما شاء كما سيأتي بيان ذلك قوله وقال مجاهد قلت لابن عمر الغزو هو بالنصب على الإغراء والتقدير عليك الغزو أو على حذف فعل أي أريد الغزو وفي رواية الكشميهني أتغزو بالاستفهام وهذا الأثر وصله في المغازي في غزوة الفتح بمعناه وسيأتي بيانه هناك ونبه به على مراد بن عمر بالأثر الذي رواه عنه بن سيرين وأنه لا يكره إعانة الغازي قوله وقال عمر الخ وصله بن أبي شيبة من طريق أبي إسحاق سليمان الشيباني عن عمرو بن قرة قال جاءنا كتاب عمر بن الخطاب أن ناسا فذكر مثله قال أبو إسحاق فقمت إلى أسير بن عمرو فحدثته بما قال فقال صدق جاءنا كتاب عمر بذلك وأخرجه البخاري في تاريخه من هذا الوجه وهو إسناد صحيح قوله وقال طاوس ومجاهد الخ وصله بن أبي شيبة بمعناه عنهما ثم أورد المصنف في الباب ثلاثة أحاديث أحدها حديث عمر في قصة الفرس الذي حمل عليه فوجده يباع الحديث وقد تقدم شرحه في الهبة ثانيها حديث بن عمر في هذه القصة نفسها وقد تقدم أيضا ثالثها حديث أبي هريرة في التحريض على الغزو وقد تقدم في أول الجهاد ووجه دخول قصة فرس عمر من جهة أن النبي صلى الله عليه وسلّم أقر المحمول عليه على التصرف فيه بالبيع وغيره فدل على تقوية ما ذهب إليه طاوس من أن للآخذ التصرف في المأخوذ وقال بن المنير كل من أخذ مالا من بيت المال على عمل إذا أهمل العمل يرد ما أخذ وكذا الأخذ على عمل لا يتأهل له ويحتاج إلى تأويل ما ذهب إليه عمر في الأمر المذكور بأن يحمل على الكراهة وقد قال سعيد بن المسيب من أعان بشيء في الغزو فإنه للذي يعطاه إذا بلغ