زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلّم وكان زوجها أبو العاص بن الربيع لما أسره الصحابة ثم أطلقه النبي صلى الله عليه وسلّم من المدينة شرط عليه أن يجهز له ابنته زينب فجهزها فتبعها هبار بن الأسود ورفيقه فنخسا بعيرها فأسقطت ومرضت من ذلك والقصة مشهورة عند بن إسحاق وغيره وقال في روايته وكانا نخسا بزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلّم حين خرجت من مكة وقد أخرجه سعيد بن منصور عن بن عيينة عن بن أبي نجيح أن هبار بن الأسود أصاب زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلّم بشيء وهي في خدرها فاسقطت فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلّم سرية فقال أن وجدتموه فاجعلوه بين حزمتي حطب ثم أشعلوا فيه النار ثم قال إني لأستحي من الله لا ينبغي لأحد أن يعذب بعذاب الله الحديث فكأن افراد هبار بالذكر لكونه كان الأصل في ذلك والآخر كان تبعا له وسمي بن السكن في روايته من طريق بن إسحاق الرجل الآخر نافع بن عبد قيس وبه جزم بن هشام في زوائد السيرة عليه وحكى السهيلي عن مسند البزار أنه خالد بن عبد قيس فلعله تصحف عليه وإنما هو نافع كذلك هو في النسخ المعتمدة من مسند البزار وكذلك أورده بن بشكوال من مسند البزار وأخرجه محمد بن عثمان بن أبي شيبة في تاريخه من طريق بن لهيعة كذلك قلت وقد أسلم هبار هذا ففي رواية بن أبي نجيح المذكورة فلم تصبه السرية وأصابه الإسلام فهاجر فذكر قصة إسلامه وله حديث عند الطبراني وآخر عند بن منده وذكر البخاري في تاريخه لسليمان بن يسار عنه رواية في قصة جرت له مع عمر في الحج وعاش هبار هذا إلى خلافة معاوية وهو بفتح الهاء وتشديد الموحدة ولم أقف لرفيقه على ذكر في الصحابة فلعله مات قبل أن يسلم قوله ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم حين أردنا الخروج في رواية بن إسحاق حتى إذا كان من الغد وفي رواية عمرو بن الحارث فأتيناه نودعه حين أردنا الخروج وفي رواية بن لهيعة فلما ودعنا وفي رواية حمزة الأسلمي فوليت فناداني فرجعت قوله وإن النار لا يعذب بها الا الله هو خبر بمعنى النهي ووقع في رواية بن لهيعة وأنه لا ينبغي وفي رواية بن إسحاق ثم رأيت أنه لا ينبغي أن يعذب بالنار الا الله وروى أبو داود من حديث بن مسعود رفعه أنه لا ينبغي أن يعذب بالنار الا رب النار وفي الحديث قصة واختلف السلف في التحريق فكره ذلك عمر وبن عباس وغيرهما مطلقا سواء كان ذلك بسبب كفر أو في حال مقاتلة أو كان قصاصا وأجازه علي وخالد بن الوليد وغيرهما وسيأتي ما يتعلق بالقصاص قريبا وقال المهلب ليس هذا النهي على التحريم بل على سبيل التواضع ويدل على جواز التحريق فعل الصحابة وقد سمل النبي صلى الله عليه وسلّم أعين العرنيين بالحديد المحمى وقد حرق أبو بكر البغاة بالنار بحضرة الصحابة وحرق خالد بن الوليد بالنار ناسا من أهل الردة وأكثر علماء المدينة يجيزون تحريق الحصون والمراكب على أهلها قاله الثوري والأوزاعي وقال بن المنير وغيره لا حجة فيما ذكر للجواز لأن قصة العرنيين كانت قصاصا أو منسوخة كما تقدم وتجويز الصحابي معارض بمنع صحابي آخر وقصة الحصون والمراكب مقيدة بالضرورةالى ذلك إذا تعين طريقا للظفر بالعدو ومنهم من قيده بأن لا يكون معهم نساء ولا صبيان كما تقدم وأما حديث الباب فظاهر النهي فيه التحريم وهو نسخ لأمره المتقدم سواء كان بوحي إليه أو باجتهاد منه وهو محمول على من قصد إلى ذلك في شخص بعينه وقد اختلف في مذهب مالك في أصل المسألة وفي التدخين وفي القصاص بالنار وفي الحديث جواز الحكم بالشيء اجتهادا ثم الرجوع عنه واستحباب ذكر الدليل عند الحكم لرفع الالباس والاستنابة في الحدود ونحوها وأن طول الزمان لا يرفع العقوبة عمن يستحقها وفيه كراهة قتل