أوله سوى أبي .
( ذر قوله الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب ) .
فيه لف ونشر مرتب لأن الجزية مع أهل الذمة والموادعة مع أهل الحرب والجزية من جزأت الشيء إذا قسمته ثم سهلت الهمزة وقيل من الجزاء أي لأنها جزاء تركهم ببلاد الإسلام أو من الأجزاء لأنها تكفى من توضع عليه في عصمة دمه والموادعة المتاركة والمراد بها متاركة أهل الحرب مدة معينة لمصلحة قال بن المنير وليس في أحاديث الباب ما يوافقها الا الحديث الأخير في تأخير النعمان بن مقرن القتال وانتظاره زوال الشمس قلت وليست هذه الموادعة المعروفة والذي يظهر أن الصواب ما وقع عند أبي نعيم من اثبات لفظ كتاب في صدر هذه الترجمة ويكون الكتاب معقودا للجزية والمهادنة والأبواب المذكورة بعد ذلك مفرعة عنه والله أعلم قال العلماء الحكمة في وضع الجزية أن الذل الذي يلحقهم ويحملهم على الدخول في الإسلام مع ما في مخالطة المسلمين من الاطلاع على محاسن الإسلام واختلف في سنة مشروعيتها فقيل في سنة ثمان وقيل في سنة تسع قوله وقول الله D قاتلوا الذين الخ هذه الآية هي الأصل في مشروعية الجزية ودل منطوق الآية على مشروعيتها مع أهل الكتاب ومفهومها أن غيرهم لا يشاركهم فيها قوله يعني أذلاء هو تفسير وهم صاغرون قال أبو عبيدة في المجاز الصاغر الذليل الحقير قال وقوله عن يد أي عن طيب نفس وكل من أطاع لقاهر وأعطاه عن طيب نفس من يده فقد أعطاه عن يد وقيل معنى قوله عن يد أي نعمة منكم عليهم وقيل يعطيها من يده ولا يبعث بها وعن الشافعي المراد بالصغار هنا التزام حكم الإسلام وهو يرجع إلى التفسير اللغوي لأن الحكم على الشخص بما لا يعتقده ويضطر إلى احتماله يستلزم الذل قوله والمسكنة مصدر المسكين فلان أسكن من فلان أحوج منه ولم يذهب إلى السكون هذا الكلام ثبت في كلام أبي عبيدة في المجاز والقائل ولم يذهب إلى السكون قيل هو الفربري الراوي عن البخاري أراد أن ينبه على أن قول البخاري أسكن من المسكنة لا من السكون وأن كان أصل المادة واحدا ووجه ذكر المسكنة هنا أنه لما فسر الصغار بالذلة وجاء في وصف أهل الكتاب أنهم ضربت عليهم الذلة والمسكنة ناسب ذكر المسكنة عند ذكر الذلة قوله وما جاء في أخذ الجزية من اليهود والنصارى والمجوس والعجم هذه بقية الترجمة قيل وعطف العجم على من تقدم ذكره من عطف الخاص على العام وفيه نظر والظاهر أن بينهما خصوصا وعموما وجهيا فأما اليهود والنصارى فهم المراد بأهل الكتاب بالاتفاق وأما المجوس فقد ذكر مستنده في الباب وفرق الحنفية فقالوا تؤخذ من مجوس العجم دون مجوس العرب وحكى الطحاوي عنهم تقبل الجزية من أهل الكتاب ومن جميع كفار العجم ولا يقبل من مشركي العرب الا الإسلام أو السيف وعن مالك تقبل من جميع الكفار الا من ارتد وبه قال الأوزاعي وفقهاء الشام وحكى بن القاسم عنه لا تقبل من قريش وحكى بن عبد البر الاتفاق على قبولها من المجوس لكن حكى بن التين عن عبد الملك أنها لا تقبل الا من اليهود والنصارى فقط ونقل أيضا الاتفاق على أنه لا يحل نكاح نسائهم ولا أكل ذبائحهم لكن حكى غيره عن أبي ثور حل ذلك قال بن قدامة هذا خلاف إجماع من تقدمه قلت وفيه نظر فقد حكى بن عبد البر عن سعيد بن المسيب أنه لم يكن يرى بذبيحة المجوسي بأسا إذا أمره المسلم بذبحها وروى بن أبي شيبة عنه وعن عطاء وطاوس وعمرو بن دينار أنهم لم يكونوا يرون بأسا بالتسري بالمجوسية وقال الشافعي تقبل من أهل الكتاب عربا كانوا أو عجما ويلتحق بهم المجوس في ذلك واحتج بالآية المذكورة فإن مفهومها أنها لا تقبل من غير أهل الكتاب وقد أخذها النبي