كاذبا فصيرك الله أورده بلفظ الفعل الماضي لأنه أراد المبالغة في الدعاء عليه قوله فخذ ما شئت زاد شيبان ودع ما شئت قوله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله كذا في البخاري بالمهملة والميم كذا قال عياض أن رواة البخاري لم تختلف في ذلك وليس كما قال والمعنى لا أحمدك على ترك شيء تحتاج إليه من مالي كما قال الشاعر وليس على طول الحياة تندم أي فوت طول الحياة وفي رواية كريمة وأكثر روايات مسلم لا أجهدك بالجيم والهاء أي لا أشق عليك في رد شيء تطلبه مني أو تأخذه قال عياض لم يتضح هذا المعنى لبعض الناس فقال لعله لا أحدك بمهملة وتشديد الدال بغير ميم أي لا أمنعك قال وهذا تكلف انتهى ويحتمل أن يكون قوله أحمدك بتشديد الميم أي لا أطلب منك الحمد من قولهم فلان يتحمد على فلان أي يمتن عليه أي لا أمتن عليك قوله فإنما ابتليتم أي امتحنتم قوله فقد رضي عنك بضم أوله على البناء للمجهول في رضي وسخط قال الكرماني ما محصله كان مزاج الأعمى أصح من مزاج رفيقيه لأن البرص مرض يحصل من فساد المزاج وخلل الطبيعة وكذلك القرع بخلاف العمي فإنه لا يستلزم ذلك بل قد يكون من أمر خارج فلهذا حسنت طباع الأعمى وساءت طباع الآخرين وفي الحديث جواز ذكر ما اتفق لمن مضى ليتعظ به من سمعه ولا يكون ذلك غيبة فيهم ولعل هذا هو السر في ترك تسميتهم ولم يفصح بما اتفق لهم بعد ذلك والذي يظهر أن الأمر فيهم وقع كما قال الملك وفيه التحذير من كفران النعم والترغيب في شكرها والإعتراف بها وحمد الله عليها وفيه فضل الصدقة والحث على الرفق بالضعفاء وإكرامهم وتبليغهم مآربهم وفيه الزجر عن البخل لأنه حمل صاحبه على الكذب وعلى جحد نعمة الله تعالى .
( قوله أم حسبت أن أصحاب الكهف ) .
كذا لأبي ذر عن المستملي والكشميهني وحدهما إلى آخر الترجمة ولغيره في أوله باب ولم يورد في ذلك إلا تفاسير مما وقع في قصة أصحاب الكهف وسقط كله من رواية النسفي قوله الكهف الفتح في الجبل هو قول الضحاك أخرجه عنه بن أبي حاتم واختلف في مكان الكهف فالذي تضافرت به الأخبار أنه في بلاد الروم وروى الطبري بإسناد ضعيف عن بن عباس أنه بالقرب من أيلة وقيل بالقرب من طرسوس وقيل بين أيلة وفلسطين وقيل بقرب زيزاء وقيل بغرناطة من الأندلس وفي تفسير بن مردويه عن بن عباس أصحاب الكهف أعوان المهدي وسنده ضعيف فإن ثبت حمل على أنهم لم يموتوا بل هم في المنام