قوله وقول الله D يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى الآية يشير إلى ما تضمنته هذه الآية من أن المناقب عند الله إنما هي بالتقوى بأن يعمل بطاعته ويكف عن معصيته وقد ورد في الحديث ما يوضح ذلك ففي صحيحي بن خزيمة وبن حبان وتفسير بن مردويه من رواية عبد الله بن دينار عن بن عمر قال خطب النبي صلى الله عليه وسلّم يوم الفتح فقال أما بعد يا أيها الناس فإن الله قد أذهب عنكم عيبة الجاهلية وفخرها يا أيها الناس الناس رجلان مؤمن تقي كريم على الله وفاجر شقي هين على الله ثم تلا يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ورجاله ثقات إلا أن بن مردويه ذكر أن محمد بن المقرئ راوية عن عبد الله بن رجاء عن موسى بن عقبة وهم في قوله موسى بن عقبة وإنما هو موسى بن عبيدة وبن عقبة ثقة وبن عبيدة ضعيف وهو معروف برواية موسى بن عبيدة كذلك أخرجه بن أبي حاتم وغيره وروى أحمد والحارث وبن أبي حاتم من طريق أبي نضرة حدثني من شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلّم بمنى وهو على بعير يقول يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى خيركم عند الله أتقاكم قوله لتعارفوا أي ليعرف بعضكم بعضا بالنسب يقول فلان بن فلان وفلان بن فلان أخرجه الطبري عن مجاهد قوله وقوله تعالى واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام قال بن عباس أي اتقوا الأرحام وصلوها أخرجه بن أبي حاتم عنه والأرحام جمع رحم وذوو الرحم الأقارب يطلق على كل من يجمع بينه وبين الآخر نسب والقراءة المشهورة والأرحام نصبا وعليها جاء التفسير وقرأ حمزة والأرحام بالجر واختلف في توجيهه فقيل معطوف على الضمير المجرور في به من غير إعادة الجار وهو جائز عند جمع ومنعه البصريون وقرأها بن مسعود فيما قيل بالرفع فإن ثبت فهو مبتدأ والخبر محذوف تقديره مما يتقي أو مما يسأل به والمراد بذكر هذه الآية الإشارة إلى الاحتياج إلى معرفة النسب أيضا لأنه يعرف به ذوو الأرحام المأمور بصلتهم وذكر بن حزم في مقدمة كتاب النسب له فصلا في الرد على من زعم أن علم النسب علم لا ينفع وجهل لا يضر بأن في علم النسب ما هو فرض على كل أحد وما هو فرض على الكفاية وما هو مستحب قال فمن ذلك أن يعلم أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلّم هو بن عبد الله الهاشمي فمن زعم أنه لم يكن هاشميا فهو كافر وأن يعلم أن الخليفة من قريش وأن يعرف من يلقاه بنسب في رحم محرمة ليجتنب تزويج ما يحرم عليه منهم وأن يعرف من يتصل به ممن يرثه أو يجب عليه بره من صلة أو نفقة أو معاونة وأن يعرف أمهات المؤمنين وأن نكاحهن حرام على المؤمنين وأن يعرف الصحابة وأن حبهم مطلوب وأن يعرف الأنصار ليحسن إليهم لثبوت الوصية بذلك ولأن حبهم إيمان وبغضهم نفاق قال ومن الفقهاء من يفرق في الجزية وفي الاسترقاق بين العرب والعجم فحاجته إلى علم النسب آكد وكذا من يفرق بين نصارى بني تغلب وغيرهم في الجزية وتضعيف الصدقة قال وما فرض عمر Bه الديوان إلا على القبائل ولولا علم النسب ما تخلص له ذلك وقد تبعه على ذلك عثمان وعلي وغيرهما وقال بن عبد البر في أول كتابه النسب ولعمرى لم ينصف من زعم أن علم النسب علم لا ينفع وجهل لا يضر انتهى وهذا الكلام قد روى مرفوعا ولا يثبت وروى عن عمر أيضا ولا يثبت بل ورد في المرفوع حديث تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم وله طرق أقواها ما أخرجه الطبراني من حديث العلاء بن خارجة وجاء هذا أيضا عن عمر ساقه بن حزم بإسناد رجاله موثوقون إلا أن فيه انقطاعا والذي يظهر حمل ما ورد من ذمة على التعمق فيه حتى يشتغل عما هو أهم منه وحمل