يقتضي أنه لم يبن بها إلا بعد قدومه المدينة بسنتين ونحو ذلك لأن قوله فلبث سنتين أو نحو ذلك أي بعد موت خديجة وقوله ونكح عائشة أي عقد عليها لقوله بعد ذلك وبنى بها وهي بنت تسع فيخرج من ذلك أنه بنى بها بعد قدومه المدينة بسنتين وليس كذلك لأنه وقع عند المصنف في النكاح من رواية الثوري عن هشام بن عروة في هذا الحديث ومكثت عنده تسعا وسيأتي ما قيل من إدراج النكاح في هذه الطريق وهو في الجملة صحيح فإن عند مسلم من حديث الزهري عن عروة عن عائشة في هذا الحديث وزفت إليه وهي بنت تسع ولعبتها معها ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة وله من طريق الأسود عن عائشة نحوه ومن طريق عبد الله بن عروة عن أبيه عن عائشة تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلّم في شوال وبنى بي في شوال فعلى هذا فقوله فلبث سنتين أو قريبا من ذلك أي لم يدخل على أحد من النساء ثم دخل على سودة بنت زمعة قبل أن يهاجر ثم بنى بعائشة بعد أن هاجر فكأن ذكر سودة سقط على بعض رواته وقد روى أحمد والطبراني بإسناد حسن عن عائشة قالت لما توفيت خديجة قالت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون يا رسول الله ألا تزوج قال نعم فما عندك قالت بكر وثيب البكر بنت أحب خلق الله إليك عائشة والثيب سودة بنت زمعة قال فاذهبي فاذكريهما علي فدخلت على أبي بكر فقال إنما هي بنت أخيه قال قولي له أنت أخي في الإسلام وابنتك تصلح لي فجاءه فأنكحه ثم دخلت على سودة فقالت لها أخبري أبي فذكرت له فزوجه وذكر بن إسحاق وغيره أنه دخل على سودة بمكة وأخرج الطبراني من وجه آخر عن عائشة قالت لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأبو بكر خلفنا بمكة فلما استقر بالمدينة بعث زيد بن حارثة وأبا رافع وبعث أبو بكر عبد الله بن أريقط وكتب إلى عبد الله بن أبي بكر أن يحمل معه أم رومان وأم أبي بكر وأنا وأختي أسماء فخرج بنا وخرج زيد وأبو رافع بفاطمة وأم كلثوم وسودة بنت زمعة وأخذ زيد امرأته أم أيمن وولديها أيمن وأسامة واصطحبنا حتى قدمنا المدينة فنزلت في عيال أبي بكر ونزل آل النبي صلى الله عليه وسلّم عنده وهو يومئذ يبني المسجد وبيوته فأدخل سودة بنت زمعة أحد تلك البيوت وكان يكون عندها فقال له أبو بكر ما يمنعك أن تبني بأهلك فبنى بي الحديث قال الماوردي الفقهاء يقولون تزوج عائشة قبل سودة والمحدثون يقولون تزوج سودة قبل عائشة وقد يجمع بينهما بأنه عقد على عائشة ولم يدخل بها ودخل بسودة قلت والرواية التي ذكرتها عن الطبراني ترفع الإشكال وتوجه الجمع المذكور والله أعلم .
وقد أخرج الأسماعيلي من طريق عبد الله بن محمد بن يحيى عن هشام عن أبيه أنه كتب إلى الوليد إنك سألتني متى توفيت خديجة وإنها توفيت قبل مخرج النبي صلى الله عليه وسلّم من مكة بثلاث سنين أو قريب من ذلك ونكح النبي صلى الله عليه وسلّم عائشة بعد متوفى خديجة وعائشة بنت ست سنين ثم أن النبي صلى الله عليه وسلّم بنى بها بعد ما قدم المدينة وهي بنت تسع سنين وهذا السياق لا إشكال فيه ويرتفع به ما تقدم من الإشكال أيضا والله أعلم وإذا ثبت أنه بنى بها في شوال من السنة الأولى من الهجرة قوى قول من قال إنه دخل بها بعد الهجرة بسبعة أشهر وقد وهاه النووي في تهذيبه وليس بواه إذا عددناه من ربيع الأول وجزمه بان دخوله بها كان في السنة الثانية يخالف ما ثبت كما تقدم أنه دخل بها بعد خديجة بثلاث سنين وقال الدمياطي في السيرة له ماتت خديجه في رمضان وعقد على سودة في شوال ثم على عائشة ودخل بسودة قبل عائشة